أخبارجهاتمجتمع

ألنيف البلدة الهادئة التي استفز ساكنتها حفر بئر يهدد إرثهم الثقافي واستقرارهم

ألنيف، ذلك المركز الهادئ المتواجد داخل المجال الترابي لإقليم تنغير جهة درعة تافيلالت، والذي لن تسمع عنه خبرا إلا في مرحلتين معينتين، مرحلة ما بعد خمس سنوات وهي الإنتخابات، إذ تعتبر بلدة ألنيف بجماعاتها الثلاث “ألنيف المركز، حصيا، أمسيصي” المكان المعشوق والذي يلهث إليه كل منتخبي اقليم تينغير، إذ تسكن ألنيف أكثر من 50 ألف نسمة في رقعة منبسطة على مجال جغرافي كبير صحراوي جاف.

المرحلة الثانية والتي يمكن أن تسمع عن هذه البلدة وتقرأ عنها موادا اخبارية، قد ملأت صورها كل مواقع التواصل الإجتماعي، وحج إليها العشرات مسجلين حضورهم، هو ذلك الحدث العظيم التاريخي سنويا، المتجلي في الأعراس الجماعية، وهي عادة ثقافية متجدرة في عمق تاريخ أهل البلدة خاصة وبالجنوب الشرقي عامة “أسامر”، إذ يجتمعون لإختيار موعد انطلاق الأعراس الجماعية الأمازيغية، بعاداتهم التقليدية وأهازيج أحيدوس، مرحبين بالجميع ساكنة أو زوارا للمنطقة، أبواب منازل الأزواج البالغ عددهم أحيانا 120 زوج وزوجة مفتوحة للجميع، حيث قد يسجل عليك أن تناولت وجبت الإفطار عند زوج، متناولا وجبة الغذاء عند أزواج أخرين، لتجد نفسك مستمتعا بوجبة العشاء في بيت أخر، ليلتقي الجميع في “أنرار” أو “إمي نِغْرم” وهي أماكن تخصصها الجمعية المنظمة مؤخرا للأعراس الجماعية “جمعية بوكافر” ليحتفل فيها الجميع، مستمعين مستمتعين بأهازيج أحيدوس.

وتعتبر جماعة ألنيف من أفقر الجماعات التابعة ترابيا لإقليم تنغير من كل الجوانب، وسنقتصر على الحديث عن نقص حاد في مادة الماء الحيوية، مع تسجيل صرخة الساكنة التي تفيد أن مياه الصنبور تنقصه الجودة، انقطاعات مستمرة وخاصة في فصل الصيف الذي يرتفع الطلب على هذه المادة، لتواجد المنطقة في مجال صحراوي، وكذا تنظيم الأعراس الجماعية وعودة الجالية للوطن لقضاء عطلتهم بقراهم.

خلال اليومين الماضيين فوجئت الساكنة على إقدام المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، في حفر بئر بمركز ألنيف بعمق أكثر من 150 متر على مقربة من واحة ألنيف وآبار الساكنة التقليدية، كمحاولة منه لإيجاد حل للإنقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب بالمنطقة، وهو تصرف يمكن أن نختصر فعله في المثل الشعبي الذي يقول “ماقدو فيل زادوه فيلة” أو “جا يقادها وعماها”.

الساكنة تشتكي وتحتج من نقص وانقطاع للماء، والمجتمع المدني يراسل ويندد عبر بيانات أحيانا يسجل توقيع أكثر من 50 جمعية مدنية تابعة لجماعات ألنيف لنداء الإغاثة، مع الإشارة لجفاف الأبار وغياب التساقطات، مسجلا المجتمع المدني غياب إرادة وإلتفاتة لمحاربة ظاهرة الجفاف، كبناء السدود التلية ومحاربة التصحر.

واحات ألنيف “الخطارات” تشتكي من الجفاق والتصحر واستنزاف الثروة المائية، وهذا الموروث الثقافي الضامن لإستقرار الساكنة في تلك الرقعة الصحراوية، ينتظره الزوال، وبزواله تنتهي الحياة بالمنطقة ويغادر الجميع تلك المناطق الشاسعة الحدودية، التي تعتبر صمام أمان للحدود المغربية الجزائرية.

في تصريح “علي مرتو” لجريدة “اليقين” بصفته أحد أبناء المنطقة وعضو مكتب جمعية بوكافر، أفاد أنه في البداية كانت الجماعة هي من تدبر قطاع الماء، حيث إلتجأت لحفر بئر بمركز ألنيف وبناء صهاريج، تلاه بعد ذلك تسجيل دخول المكتب الوطني للماء لبلدة ألنيف منذ أكثر من 15 سنة، لتسلم له الجماعة البئر وكافة الصهاريج، مع استغرابنا كساكنة من التكلفة المرتفعة للماء الذي يجلب أصلا من بئر وسط حقولنا، وعانينا لسنوات ولا زلنا من انقطاع الماء وردائة جودته، نظمت الساكنة احتجاجات على المكتب المسير، الذي لم يبادر في ربط جماعات ألنيف بالماء من الصبيب الإقليمي والجهوي، بقدر ما يبحث دوما عن حلول ترقيعية وسهلة المنال، ملتجئا لحفر بئر أخر خلال اليومين الماضيين بالقرب من عيون الماء التي تسقي خطارات ألنيف، مما سيؤدي من طبيعة الحال لجفاف العيون وأبار الساكنة التقليدية وقتل واحة النخيل وزوال الإنس والجن في المنطقة.

مضيفا ذات المتحدث، أن حفر بئر بعمق عميق من طرف المكتب بمقربة من آبار و عيون واحة النيف جريمة، وأن يتم الحفر بمقربة من الواحة دون دراسات وأبحاث لمعرفة الآثار الكارثية على الانسان والمجال، جريمة أخرى مكتملة الأركان في حق الواحة والبيئة بصفة عامة.

وفي حديث “اليقين” مع الأستاذ عزاوي محمد، أفاد أنه كالعادة تتصرف من إسودت قلوبهم، مستغلين حاجة المنطقة للماء الصالح للشرب، بعد ما قاسته الساكنة في الصيفين الماضيين من نقص حاد في هذه المادة الحيوية، و بدل التوجه بحثا عن حلول نهائية ودائمة كبناء السدود أو ربط المنطقة بماء الشروب من منشآت اقليمية بعيدة عن الفرشة الواحية المتهالكة أصلا، قرروا إعدام وتجفيف المنطقة بحفر بئر عميق لقتل خطارات النيف، الإرث الثقافي والهوياتي، ربما يخططون في تهجير الساكنة مستقبلا بدواعي الجفاف بعد إعدام الواحة و امتصاص فرشتها المائية.

موجها رسالته لكل الساكنة وكل الجمعيات ونواب اراضي الجموع و شيخ القبيلة ونوابه، والسلطة المحلية وكافة المنتخبين العمل على ايقاف مثل هذه السلوكيات المسمومة، مع التعجيل بالترافع لإحداث منشآت هيدرومائية، والبحث عن حلول لإنقاذ الواحة، قبل أن تهان الساكنة وتذل بعد هجرتهم من أراضيهم وبلدتهم التي استنزفت ثروتها المائية وقتلت واحتها بفعل فاعل.

وفي بحث قامت به جريدة اليقين” لتصل الصورة الكاملة، سجلت معطيات تفيد أن ساكنة جماعات ألنيف مرارا وتكرارا تلتجئ لمنع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، من حفر آبار هنا وهناك بجماعاتهم، مشيرة الساكنة أن المكتب ليس فقيرا، وبينه وبين الساكنة عقد يؤدي فيه المواطن مستحقاته للمكتب، والأخير ملتزم بتوفير الماء دون اللجوء لإستنزاف الثروة المائية وقتل الواحات التي تعتبر مصدر عيشهم وتاريخهم.

هذا ودعى المجتمع المدني لتنظيم وقفة احتجاجية هذا اليوم، تنديدا بحفر البئر واستنزاف الثروة المائية، إلا أن جريدة “اليقين” علمت أنه تم تأجيل الوقفة الإحتجاجية، بإنتظار ما ستؤول إليه لقاءات اليوم بقيادة ألنيف من طرف مسؤولين ومنتخبين وفاعلين جمعوين.

يشار أن ساكنة ألنيف عانت من انقطاعات مهولة في الماء الصالح للشرب خلال فترة الصيف الأخيرة، مما ألزم على المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، إيجاد حل ترقيعي تمحور في مطالبة عائلة “أيت أعوش” المعروفة بألنيف السماح للمكتب في استخدام بئر يعود للعائلة، لإنقاذ الموقف المحرج الذي وجد فيه المكتب نفسه، حيث سمحت “أيت أعوش” بذلك وقدمت البئر خدمة للمصلحة العامة.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى