
اليقين/ نجوى القاسمي
اعتبر الدكتور أوبدة محمد، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، خلال حديثه لموقع اليقين أنّ النقاش الدائر حول مشاريع القوانين التنظيمية الأربعة التي صادق عليها المجلس الوزاري برسم قانون المالية لسنة 2026، يشكّل محطة مفصلية في مسار تخليق الحياة السياسية وتعزيز الثقة في المؤسسات، خاصة في أفق الاستحقاقات التشريعية المقبلة التي ستشهدها المملكة خلال أقل من سنة
.وأوضح الباحث أنّ هذه القوانين، وعلى رأسها مشروعا القانونين التنظيميين المتعلقان بالأحزاب السياسية وبمجلس النواب، تروم بالأساس إعادة ترتيب البيت السياسي المغربي على أسس النزاهة والشفافية والمصداقية، مبرزا أنّ الولوج إلى المؤسسة النيابية يجب أن يتم وفق معايير واضحة تضمن الشرعية والتمثيلية الحقيقية، بالنظر إلى ما تحظى به هذه المؤسسة من مكانة دستورية ووزن سياسي بارز في هندسة النظام الدستوري المغربي.
وأشار أوبدة إلى أنّ المغرب، باعتباره دولة مؤسسات، يكرّس من خلال هذه التوجهات روح الاستمرارية الدستورية التي أسس لها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مؤكدًا أنّ الشرعية لا تُستمد من الفاعلين السياسيين فقط، بل من البناء الدستوري نفسه، الذي يضمن التوازن بين السلط، ويكرّس مبادئ المساواة والإنصاف والكرامة الإنسانية
.وفي هذا السياق، شدّد الباحث على أنّ المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تكريس المسار الديمقراطي الوطني، سواء على المستوى الداخلي من خلال تعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات، أو على المستوى الخارجي عبر ترسيخ صورة المغرب كدولة تسير بخطى ثابتة نحو ديمقراطية متقدمة.
وأضاف أوبدة أنّ المواطنة الفاعلة تظل حجر الزاوية في إنجاح أي عملية انتخابية، داعيا المواطنين إلى الانخراط الإيجابي في الاستحقاقات المقبلة، سواء عبر التصويت أو الترشح، معتبرًا أنّ “المشاركة السياسية الواعية هي التعبير الأسمى عن الانتماء الوطني والمسؤولية المشتركة.
وفي معرض حديثه عن الانتقادات الموجهة إلى الحكومة بشأن غياب المشاورات الواسعة مع الفاعلين السياسيين، أوضح الباحث أنّ هذه الملاحظات لا تمسّ في الجوهر شرعية العملية التشريعية، لكونها مؤطرة بدستور يضمن المشاركة المؤسساتية والتوازن السياسي، مضيفًا أنّ “الشرعية في المغرب ليست وليدة اللحظة، بل هي شرعية مؤسسة على الدستور، ومحمية بتوجيهات ملكية سامية تسهر على تأطير الفعل السياسي وضمان استمراريته.
كما لم يفت أوبدة التوقف عند ضعف أداء الأحزاب السياسية، مشيرا إلى أنّها مطالبة اليوم بـمراجعة ذاتها وتجديد نخبها
لأن دورها لم يعد يقتصر على خوض الانتخابات، بل يتعدى ذلك إلى التأطير والاستقطاب والتوعية السياسية، وهي المهام التي نصّ عليها الدستور بوضوح.
وفي ختام تصريحه، دعا الباحث إلى إعادة النظر في آلية الترشح البرلماني، مقترحا تحديد ولايتين كحد أقصى لكل نائب برلماني، سواء متتاليتين أو منفصلتين، من أجل فسح المجال أمام نخب جديدة وشابة تملك القدرة على التجديد والإبداع في العمل السياسي، معتبرًا أن “الديمقراطية لا تتقوّى إلا بتداول النخب، وإعادة ضخ دماء جديدة داخل المؤسسات المنتخبة”.
We Love Cricket




