آخر الأخبارسياسة

أين ينتهي التحسيس وأين تبدأ الحملة الانتخابية في خطاب أوزين؟

اليقين/ نجوى القاسمي

في خضم الجدل المتصاعد حول ما بات يوصف بـالحملة الانتخابية السابقة لأوانها عاد اسم محمد أوزين إلى واجهة النقاش السياسي، بعدما وجّه الأمين العام لحزب الحركة الشعبية دعوة علنية للمواطنين من أجل التسجيل في اللوائح الانتخابية بهدف التصويت

دعوة بدت، في نظر متابعين كثر، أبعد من مجرد تذكير إداري محايد، وأقرب إلى خطاب تعبوي يحمل في طياته ملامح حملة انتخابية مبكرة، خاصة في سياق سياسي تتسارع فيه خطوات التموقع استعدادا لانتخابات 2026.

الإشكال في خطوة أوزين لا يرتبط فقط بجوهر الدعوة، بل يتجاوز ذلك إلى شكلها وتوقيتها والجهة الصادرة عنها. فحين تصدر دعوة إلى التسجيل في اللوائح الانتخابية عن مسؤول حزبي أول، وفي خطاب سياسي موجه للرأي العام، فإنها تفقد طابعها التقني وتدخل، بحكم الواقع، دائرة الفعل السياسي الهادف إلى التأثير. إذ لا يمكن فصل التسجيل عن غايته النهائية، وهي التصويت، ولا عزل هذا الأخير عن منطق التنافس الانتخابي، حتى وإن جرى تغليفه بخطاب المواطنة والمشاركة

من الناحية القانونية، قد يلجأ المدافعون عن أوزين إلى القول إن التشريع الانتخابي المغربي لا يتضمن تعريفا صريحا ومباشرا لمفهوم الحملة الانتخابية، وهو دفع يبدو صحيحا من حيث الشكل، لكنه يظل قاصرا من حيث الجوهر. فالقانون، وإن لم يقدم تعريفا لغويا جاهز، إلا أنه رسم بدقة الإطار العملي للحملة الانتخابية من خلال تحديد آجالها، وضبط وسائلها، وتنظيم أنشطتها، وربط مخالفتها بجزاءات واضحة.

وبالعودة إلى فلسفة النصوص الانتخابية، يتبين أن الحملة لا تختزل في تعليق الملصقات أو تنظيم التجمعات فقط، بل تشمل كل فعل سياسي من شأنه التأثير في إرادة الناخبين ودفعهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى المشاركة في الاقتراع لفائدة طرف سياسي بعينه، خارج الإطار الزمني الذي حدده القانون. فحين يحرص المشرّع على تأطير الحملة بآجال صارمة، فإنما يفعل ذلك حماية لمبدأ تكافؤ الفرص، ومنعا للاستغلال المبكر للنفوذ الحزبي والرمزي.

الأكثر إثارة للقلق أن دعوة أوزين لا يمكن قراءتها بمعزل عن السياق العام الذي يطبع المشهد السياسي، حيث تتكاثر مؤشرات السباق المبكر نحو 2026، وتسعى الأحزاب، أغلبية ومعارضة، إلى قياس المزاج الانتخابي وإعادة التموضع واستباق الخصوم بخطابات محسوبة.

وفي هذا الإطار، تبدو الدعوة إلى التسجيل أقرب إلى رسالة سياسية مشفرة مفادها أن الحزب حاضر ومستعد، وأن معركة الصناديق انطلقت فعليا ولو من خارج القنوات الرسمية للحملة.

في المحصلة، قد لا يواجه محمد أوزين مساءلة قانونية مباشرة بسبب هذه الدعوة، لكن كلفتها السياسية والأخلاقية تبقى قائمة. فهو إما أن يعترف ضمنيا بأن خطابه يدخل في خانة التعبئة الانتخابية المبكرة

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى