
اليقين/ نجوى القاسمي
في ظل تفاقم أزمة الموارد الطبيعية وتزايد الهشاشة الغذائية، دعا المعهد المغربي لتحليل السياسات في تقرير حديث إلى تحول جذري في النموذج الفلاحي المغربي، يقوم على مبدأ السيادة الغذائية بدل منطق السوق والربح السريع.
وأكد التقرير أن هذا التحول يقتضي حماية الموارد الطبيعية، ووقف النزيف المائي الناتج عن الزراعات الموجهة للتصدير، إلى جانب تحسين أوضاع الفلاحين المحليين وضمان عدالة الولوج إلى الأرض والتمويل.
وصدر التقرير في أكتوبر 2025 وفي تشخيصه للوضع الحالي، نبّه التقرير إلى أزمة هيكلية عميقة تهدد الأمن الغذائي، موضحا أن النموذج الفلاحي القائم على التصدير أفرز عبئا مزدوجا يتمثل في استنزاف الموارد الطبيعية من جهة، وتدهور جودة التغذية وصحة المواطنين من جهة أخرى.
وأشار التقرير إلى أن القطاع الزراعي المغربي يعاني من تبعية شبه مطلقة، إذ تعتمد المحاصيل التصديرية على مدخلات مستوردة كالبذور والأسمدة ومواد التلقيح الاصطناعي، مما يجعل الإنتاج الوطني رهينا بتقلبات السوق العالمية.
كما نبه إلى أن الزراعات الكثيفة الاستهلاك للمياه مثل الأفوكادو والطماطم والبطيخ الأحمر ساهمت في تصدير المياه الافتراضية، وهو ما عمّق أزمة الندرة المائية في بلد يُعد من أكثر دول شمال إفريقيا جفافا.
وذهب التقرير أبعد من الجانب الاقتصادي، محذرا من أن التبعية الفلاحية أصبحت تمس جوهر السيادة الوطنية، بعدما أضحى الإنتاج المحلي خاضعا لإملاءات خارجية على حساب الزراعة المعيشية التي تؤمن القوت اليومي للمغاربة.
أما على الصعيد الصحي، فقد رصد التقرير عبئا مزدوجا لسوء التغذية، يتمثل في الإفراط في استهلاك السعرات الحرارية الفارغة مقابل نقص المغذيات الدقيقة، ما يؤدي إلى انتشار أمراض مزمنة كالسمنة والسكري وأمراض القلب.
وأوضح أن تغير العادات الغذائية في المدن وارتفاع استهلاك الأغذية المصنعة رفع معدل السعرات اليومية للفرد من 2400 إلى نحو 3100 سعرة حرارية خلال العقود الأخيرة.
كما انتقد التقرير سياسة الدعم الحكومي التي توجه مليارات الدراهم نحو منتجات مستوردة ضعيفة القيمة الغذائية، مشيراً إلى أن دعم السكر المكرر والقمح اللين بلغ سنة 2024 نحو 5.72 مليار درهم، وهو دعم يغذي التبعية أكثر مما يعزز الأمن الغذائي.
وخاص التقرير على ضرورة إعادة توجيه الدعم العمومي نحو الزراعة المعيشية التي تضمن الأمن الغذائي للمواطنين، وتحسين جودة الغذاء عبر تشجيع الإنتاج المحلي للمواد الصحية
We Love Cricket



