لا يخفى على أحد أن الفعل الثقافي والفني رافعة أساسية في التنمية المحلية، وأن المبادرات الثقافية والفنية سواء كانت فردية أو جماعية ( جمعيات، مقاولات…) تعمل على فرض نفسها عبر أنشطة نوعية بشكل دوري أو موسمي، ولبلوغ أهدافها المنشودة تعلق مسار عملها على حبلين؛
الحبل الأول ؛ هو الجهات الممولة ( مؤسسات عمومية و خصوصية ) للمشاريع الثقافية والفنية، هذه الجهات يتطلب التعامل معها عدة شروط، لكن الشرط الأساس هو أن يكون لها رؤية وأبعاد كبرى تركز فيها على الغايات النبيلة للمشاريع المقترح تمويلها، و استعمال مصطلح التمويل هنا يعني أن آليات المعاملة بين المبادرات الثقافية و المؤسسات يجب ان تبنى على شراكة أساسها التمويل و المواكبة والتأطير بغية التطوير، واستبعاد مصطلح الدعم أصبح ضرورة ملحة لما فيه من تقزيم من حجم المؤسسات الثقافية والفنية، مصطلح الدعم دائما ما يرتبط في مجتمعنا بتلك العلاقة التي تربط بين القوي والضعيف و الغني والمسكين.
أما الحبل الثاني ؛ هو مرتبط بشكل خاص بالمتلقي وحجم تأثير الأنشطة الثقافية والفنية بالإضافة إلى وقعها عليه مهما اختلفت البنية الاجتماعية للمتلقي، لأن الأهم هو المشترك الذي يجمع المتلقي مهما اختلفت وضعيته ومكانته وأبعاده الثقافية والسياسية.
أولا: واقع حال البنيات الثقافية والفعاليات المحلية:
قبل الحديث عن الفعل الثقافي والفني بمدينة ابن جرير وجب القيام بتشخيص دقيق للبنيات التحتية الثقافية وكذا الفعاليات الثقافية بالمدينة.
1 البنيات الثقافية :
لحدود كتابة هذه السطور ابن جرير تتوفر على ما يزيد عن الثلاثين مركزا قابل لاستقبال أنشطة ثقافية وفنية محددة، بالإضافة إلى توفرها على مركز ثقافي لحدود اللحظة تبقى مساحته أكبر من مضمونه، و مركز الوسائط الذي كان قبل 4 سنوات مشروعا لدار الصحافة قبل أن يتم تغييره في اللحظات الأخيرة، مركز الوسائط لا يختلف هو الآخر عن المركز الثقافي حيث يتوفر على قاعة مخصصة للعروض السينمائية في غياب أي عرض، إضافة إلى أن الولوج إليه يتطلب موافقة من الرباط، وفي الجهات الأخرى يوجد بالمدينة دار الشباب الأولى في حي القدس والثانية في حي الشعيبات، فالأولى انتهكت حرمتها وقزم حجمها لتصبح منقسمة الى ثلاث مؤسسات واحدة لدار الشباب وواحدة لوكالة ANAPEC وواحدة للمركز الجهوي للاستثمار، وكأن هاتين المؤسستين غير قادرتين على اقتناء عقار او كراء محلات لممارسة عملها، أما دار الشباب الثانية فمكانها هو محل استغراب حيث أنها تتواجد بالمقربة من السكة الحديدية المخصصة لنقل ثروات الرحامنة إلى وجهة أخرى وتنطفئ أنوارها قبل أن تشتعل في غياب تام لمولد كهربائي خاص بها، ومن جهة أخرى هناك بعض مراكز القرب التي تم التفنن في طرق تدبيرها والجامع بينها هو ثلاث شعب ( الحلاقة – الخياطة – المعلوميات ) لتبقى هذه المراكز دون أفق أو ابتكار لشعب علمية وعملية من الممكن أن تحد من الفوارق الحادة بين الضفتين في المدينة، في حين هناك مراكز أخرى لاشيء فيها سوى الإسم، وإن حصرنا اللائحة فالعمل الجاد في هذه المراكز لا يتعدى مركزين أو ثلاثة، مركز الاستقبال كذلك لم يسلم من الاهمال والتأخر فالبناية إكتملت ومحيطها لم يكتمل بعد.
2 الفعاليات الثقافية والفنية بالمدينة:
إن الحضور المميز لبعض المبادرات الجمعوية سيما تلك التي تشرف عليها الطاقات الشابة يجعل من المدينة قبلة للعديد من الباحثين و المهتمين والفنانين…، غير أن هاته المبادرات لازلت تفتقد للعديد من الٱليات، لعل أهمها هو أن تعاملها الجهات المعنية كمؤسسات شريكة في التنمية، في ظل وجود بعض الفئات التي تقتات على الفتات دون أن تعمل على إنتاج فعل جاد وهادف.
ثانيا : مقترحات وحلول آنية للرفع من مستوى الفعل الثقافي والفني بالمدينة.
من خلال ما سبق نخلص إلى أن الفعل الثقافي والفني بالمدينة يحتاج لعدة أمور وهي على الشكل التالي :
– تظافر الجهود ونكران للذات سواء من مؤسسات الدولة والهيئات المنتخبة او جمعيات ثقافية وفنية.
– التسريع باطلاق ورش بناء قاعة العروض بالمركز الثقافي.
– إعادة النظر في طرق تدبير مراكز القرب والانفتاح على الكفاءات .
– خلق تواصل فعلي حقيقي بين المؤسسات الثقافية.
– التعجيل بفتح مركز الاستقبال .
– العمل على تطوير الفعل الثقافي والفني عبر مجموعة من التكوينات خصوصا في مجال التدبير والتسيير .
– تخليق الحياة الثقافية والفنية من خلال المواكبة و التتبع للمشاريع الممولة.
– تشغيل مكتبة دار الشباب القدس وتعيين مشرف عليها.
– انفتاح الفعاليات الثقافية والفنية على تجارب أخرى لمواكبة العالم و تطوراته.
– الاهتمام بالناشئة باعتبارها رأس مال وطني.
يبقى كل ما سبق ذكره مجرد غيض من فيض، جردنا فيه الإمكانيات المتاحة والاكراهات الموجودة مع اعطاء بعض الحلول الآنية والمستقبلية للاستثمار في المجال الثقافي والفني.