
في فاجعة إنسانية جديدة على السواحل الأطلسية للمغرب، لا يزال مصير 56 مهاجراً غير نظامي، بينهم عدد من القاصرين، مجهولاً منذ أيام، بعد أن أبحروا من سواحل سيدي إفني في اتجاه جزيرة لانزاروتي الإسبانية على متن زورق مطاطي “زودياك”.
الرحلة، التي انطلقت صباح الثلاثاء الماضي في ظروف بحرية صعبة وبوسائل إبحار بدائية، ضمّت مهاجرين من المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء، قبل أن ينقطع الاتصال بهم بعد نحو ست ساعات من مغادرتهم الساحل، لتبدأ مأساة عائلاتهم التي تعيش منذ ذلك الحين على أمل ضعيف وقلق متزايد.
وأفاد أحد أقارب المفقودين لوسائل إعلام إسبانية أن آخر اتصال تلقاه من شقيقه كان قصيراً، قبل أن ينقطع الخط فجأة، مضيفاً أن المنظم الذي أشرف على الرحلة حاول التنصل من المسؤولية مدعياً فقدان الاتصال بـ“الريس” الذي كان يقود الزورق.
ومنذ ذلك الحين، دخلت السلطات المغربية والإسبانية في سباق مع الزمن، حيث باشرت وحدات من الدرك الملكي وخفر السواحل الإسباني عمليات تمشيط واسعة في المياه الإقليمية والبحر المفتوح، غير أن الجهود المكثفة لم تسفر حتى الآن عن أي نتائج، ما عمّق مأساة العائلات المترقبة لأي خبر عن ذويها.
وتعيد هذه الحادثة المأساوية تسليط الضوء على “طريق الأطلسي” الذي يُعد من أخطر مسارات الهجرة في العالم، إذ شهد خلال السنوات الأخيرة مصرع آلاف المهاجرين في محاولاتهم الوصول إلى جزر الكناري، التي تُعتبر “البوابة الأخيرة نحو أوروبا”.
وفي خضمّ هذه التطورات، دعت منظمات حقوقية مغربية وإسبانية إلى تعزيز التنسيق بين الرباط ومدريد في مجالات المراقبة والإنقاذ، واعتماد مقاربة إنسانية تعالج جذور الظاهرة المرتبطة بالفقر والبطالة وغياب الأفق لدى الشباب.
وبينما تواصل فرق البحث تمشيط البحر بمشاركة طائرات استطلاع وزوارق إنقاذ، تظل الأسئلة المؤلمة معلّقة:
هل غرق القارب في عرض المحيط؟
هل جرفته التيارات بعيداً عن مسار الدوريات؟
أم أن بعض ركابه نجحوا في بلوغ سواحل بعيدة؟
أسئلة لا تزال بلا إجابات، بينما يترقب الجميع أن تكشف مياه الأطلسي يوماً ما عن مصير ركاب “رحلة الأمل الأخيرة” بين سيدي إفني ولانزاروتي.