جهات

الأم التي عانقت البحر بحثًا عن الكرامة: قصة موجعة تختصر مأساة الهجرة المغربية

في مشهد مأساوي هزّ الرأي العام المغربي، أظهرت لقطات مصوّرة أمًا مغربية تُلقي بنفسها في البحر وهي تحمل طفلها الصغير، محاولةً الوصول إلى مدينة سبتة المحتلة عبر مياه البحر، متحدّية الأمواج والمخاطر في رحلة محفوفة بالمجهول والألم.

لم تكن هذه الواقعة مجرّد حادث عرضي، بل صرخة وجع تعبّر عن واقع اجتماعي واقتصادي خانق يدفع العديد من الأسر المغربية إلى المخاطرة بحياتها بحثًا عن مستقبلٍ أفضل خلف الحدود.

وحسب معطيات محلية، فإن الأم تنحدر من أسرة تعيش ظروفًا صعبة دفعتها إلى اتخاذ قرار الهجرة بشكل عفوي، بعيدًا عن أي تنظيم أو شبكة تهريب. وأوضح أحد جيرانها أن “كل ما كانت تبحث عنه هو حياة كريمة لولدها… البحر بالنسبة إليها لم يكن خطرًا، بل أملًا أخيرًا.”

ويؤكد خبراء اجتماعيون أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة تظل السبب الرئيسي وراء تفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية، خصوصًا في صفوف النساء والعائلات محدودة الدخل، في ظل غياب فرص العمل وارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية.

كما تعاني مناطق واسعة من المغرب، خاصة القروية والهامشية، من ضعف التنمية وندرة المشاريع التي تستهدف الشباب والنساء، ما يجعل الهجرة خيارًا اضطراريًا أكثر منه مغامرة. ويقول الباحث الاجتماعي عبد الرحيم بنعيسى: “الهجرة ليست بحثًا عن الرفاه، بل عن الكرامة… حين يفقد المواطن شعوره بالانتماء، يصبح البحر ملاذه الأخير.”

وتكشف هذه الواقعة المأساوية عن الجانب الإنساني العميق لأزمة الهجرة، وتطرح تساؤلات جادة حول مدى فعالية السياسات العمومية في التصدي للفقر والهشاشة. فالمقاربة الأمنية وحدها لا تكفي، بل يلزم نهج شامل يعيد الأمل عبر التعليم وفرص الشغل والتنمية المتوازنة.

ويختتم أحد النشطاء الجمعويين حديثه قائلاً: “هذه الأم لم تهرب إلى أوروبا، بل بحثت عن الكرامة… لو وجدتها هنا، لما ألقت بنفسها في البحر.”

قصة هذه الأم ليست حادثًا فرديًا، بل مرآة لواقع مؤلم يعيشه كثير من المغاربة بصمت، ورسالة قوية تدعو إلى مراجعة السياسات الاجتماعية حتى لا يتحول البحر مرة أخرى إلى طريق نجاة من قسوة الوطن.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى