
اليقين/ نجوى القاسمي
في خضم تصاعد النقاشات المجتمعية حول العدالة الاجتماعية وتوزيع الموارد العمومية، خرج وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، ليعلن قرارا يقضي بـتعليق منح الدعم الاستثماري لعدد من المصحات الخاصة، كانت ملفاتها قيد الدراسة داخل اللجنة الوطنية للاستثمارات.
خطوةٌ قرأها كثيرون في سياق إعادة تقييم العلاقة بين المال العام والمصالح الخاصة، خاصة في لحظة تشهد فيها البلاد توترا اجتماعيا متزايدا بسبب احتجاجات الشباب على الفوارق الاقتصادية والخدماتية.
وأوضح الوزير، خلال لقاء خاص مساء الاثنين، أن القرار يشمل سبع مؤسسات صحية كانت قد تقدمت بطلبات رسمية للاستفادة من التحفيزات العمومية، قبل أن يوجّه بوقف مسارها مؤقتا، في انتظار تقييم شامل لسياسة دعم القطاع الصحي الخاص، لاسيما ما يتعلق بمدى مساهمته الفعلية في تعزيز العدالة الصحية وتقليص الفوارق بين الجهات.
وأكد التهراوي أن الهدف ليس معاداة الاستثمار في الصحة، بل طرح تساؤل مشروع حول منطق استمرار دعم قطاع يحقق أرباحا مهمة بطبيعته، قائلاً: “المرضى المؤمنون يتلقون خدماتهم في المصحات الخاصة، ويُعوّضون من صناديق الضمان الاجتماعي، ما يجعل المستثمر في موقع مريح دون مخاطرة مالية تذكر”.
وشدد الوزير على أن أي تحفيز مستقبلي يجب أن يكون مرتبطا بشروط واضحة، من بينها التوازن الجهوي وتوفير الأطر الطبية بالمناطق المهمشة، مع رفض منح دعم لمصحات تُقام بجوار المستشفيات الجامعية لما لذلك من أثر سلبي على العدالة في توزيع الكفاءات والموارد الصحية.
في المقابل، سارعت الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة (ANCP) إلى التعبير عن استغرابها من تصريحات الوزير، مؤكدة في رسالة مفتوحة أن أيّا من المصحات الأعضاء لم تستفد من دعم عمومي، وداعية إلى نشر اللائحة الكاملة للمستفيدين الفعليين، حرصا على الشفافية وتوضيح الصورة أمام الرأي العام.
أما مجموعة “أكديطال”، فقد أكدت في بلاغ رسمي أنها تموّل مشاريعها بمواردها الذاتية وبالقروض البنكية والاكتتابات المالية، نافية استفادتها من أي دعم حكومي، ومشددة على أهمية الشفافية والمنافسة الشريفة في القطاع الصحي.
وبين من يرى في قرار الوزير خطوة شجاعة لإعادة ضبط بوصلـة الدعم العمومي، ومن يعتبرها رد فعل سياسيا في سياق اجتماعي متوتر، يظل السؤال مفتوحًا حول كيف يمكن تحقيق توازن فعلي بين تشجيع الاستثمار وحماية المرفق العمومي في قطاع يُلامس أحد أهم حقوق الإنسان: الحق في الصحة.
We Love Cricket