
اليقين/ نجوى القاسمي
في مشهد برلماني حمل بين طيّاته القلق والأمل معا، عاد ملف حماية الأطر الصحية وإصلاح المنظومة الصحية إلى واجهة النقاش داخل قبة البرلمان، حيث شدّد وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي على أنّ ضمان أمن وسلامة مهنيي الصحة ليس ترفا إداريا، بل واجب وطني وإنساني، مؤكدا أنّ الأطباء والممرضين يشتغلون في ظروف قاسية وضغط مهني متواصل، ومع ذلك يظلون الدرع الأول لصون حياة المواطنين.
الوزير، الذي كان يجيب خلال جلسة الأسئلة الشفوية امس الاثنين 27 أكتوبر الجاري أوضح أنّ وزارته تبنّت مقاربة شمولية لحماية الأطر الطبية وشبه الطبية، من خلال إصدار دورية وزارية جديدة سنة 2025، تلزم المؤسسات الصحية بـضمان بيئة عمل آمنة، والتنسيق الدائم مع المصالح الأمنية لتأمين تدخل فوري في حالات الاعتداء، مع متابعة المعتدين قضائيًا وتوفير المواكبة القانونية والطبية للضحايا.
التهراوي أكّد أنّ هذه الإجراءات تهدف إلى ترسيخ ثقافة الاحترام داخل الفضاء الصحي، مشيرا إلى أنّ الاعتداء على الطبيب أو الممرض هو اعتداء على هيبة الدولة نفسها، في تذكير قوي بضرورة إعادة الاعتبار لجنود الصحة الذين يقفون في الخطوط الأمامية دون امتيازات توازي تضحياتهم
.لكنّ حديث الوزير لم يحجب نبرة النقد التي جاءت في تعقيب النائب البرلماني عبد الرحيم بوعيدة عن الفريق الاستقلالي الذي وصف إصلاح القطاع الصحي بأنه أشبه بحلم جميل أو حمل كاذب ننتظر ميلاده دون جدوى
بوعيدة وجّه سهام انتقاده نحو الواقع المأساوي لهجرة الأطباء المغاربة، مبرزا أنّ ما يزيد عن 5940 طبيبا يمارسون اليوم في فرنسا”، وهو رقم يعكس نزيفًا مؤلمًا يهدّد كفاءة المنظومة الصحية الوطنية.
وقال البرلماني بلغة رمزية : “حتى مش ما كيهرب من دار العرس، ولكن عندما تكون دار العرس ما فيها لا ماكلة ولا كرامة ولا أجر محترم، فالفرار يصبح قدَرا.
في إشارة إلى بيئة العمل القاسية وضعف الأجور وانعدام التحفيز التي تدفع خيرة الأطباء إلى الهجرة، تاركين وراءهم مستشفيات تعاني الخصاص والإنهاك.
بين خطاب الوزير المفعم بالوعود، وصوت البرلماني المشبع بالمرارة، بدا النقاش الصحي في البرلمان كمرآة تعكس التناقض بين الرؤية والواقع. فبينما تتحدث الوزارة عن هيبة المرفق العمومي يعيش الطبيب المغربي يوميا امتحان الكرامة المهنية والإنسانية في نظام يحتاج، قبل أي شيء، إلى إعادة بناء الثقة.
We Love Cricket



