بحلول 21 مارس 2024 تكون قد مرت سنة على تجديد المكتب المسير للمجلس الإقليمي للسياحة بالحسيمة، سنة مرت بالتمام والكمال دون أن تظهر على هذا التنظيم أي من علامات النمو، منذ هذا التاريخ والجميع ينتظر لحظة الترافع الناضج عن مشاكل المهنيين واهتماماتهم، والتنسيق مع باقي المتدخلين لرسم حملات الترويج للمنطقة.
ولكن غياب المجلس الإقليمي للسياحة بالحسيمة لا يعود، في الحقيقة، إلى هذا التاريخ فقط، بل إلى أبعد من ذلك بكثير، وبالضبط إلى حوالي عقد من الزمن، أي منذ أن تأسس بتركيبة جهوية سنة 2013 حين كانت الحسيمة عاصمة لجهة تازة- تاونات- كرسيف، وإذا كان المجلس قد ظل، خلال كل هذه المدة، في وضعية ال Pause فلأن ولادته لم تكن طبيعية وحملت معها منذ البداية بذرة الإعاقة.
ولادة هذا التنظيم المهني لم تكن شرعية وظلت تفتقد إلى شروط الأهلية لقيادة سفينة السياحة بالمنطقة، ولعل الجهات الوصية والسلطات المحلية تتحمل جزء من إثم السماح بخلق مجلس بمكونات ليست كلها في وضعية قانونية، ومنها من لا يندرج ضمن فئة الأعضاء الذين يمثلون المستويات الثلاث للسياحة، خاصة تلك التي تتعلق بالجمعيات السياحية المهنية.
إن كل الذين تعاقبوا علي تدبير هذا المجلس لم يتمكنوا من تجاوز وضعية الشلل المزمن الذي صاحب ولادته، ولم يستطيعوا نشله من وافع “الفقر والبؤس” وبالأحرى المساهمة في خلق مبادرات تستجيب لتطلعات المنطقة، والتي ييدو أن مختلف مؤشراتها الإقتصادية والإجتماعية تبعث على القلق في ظل تزايد الركود في المجال االسياحي وغياب برامج وعروض الترويج والإنعاش.
أعتقد أن مقولة “فاقد الشيء لا يعطيه” تمتلك جانبا كبيرا من الصحة في هذا السياق، فأبلغ وصف يمكن أن يختصر مسار هذا التنظيم المهني، الذي لم يقدم اية إضافة تذكر، أنه “مجليس الفقراء” وأهله لا يستطيعون فتح أفواههم إلا عند الأكل، أما الترافع عن القطاع والمهنيين أو عن المنطقة كوجهة سياحية فذلك مستحيل، ويحدث لهم اضطرايات ومغصا شديدا في المعدة، والأمر نظنه طبيعيا، لأن من جبل على الأخذ بدون امتنان لن يرتقي عنده مؤشر العطاء
سنة اخرة مرت من عمر هذا المجلس ولا أدري ما الذي يمكن أن يقدمه للقطاع الرئيس الجديد/ القديم خاصة وأنه لم يعقد حتى الإجتماعات الدورية لأعضاء المكتب، وقبل ذلك لم يستطيع تشكيل مكتب “مستقر وحائز للشرعية في الٱجال القانونية” إلا بجهد جهيد، وبالأحرى جمع شمل مهنيي القطاع، وابتكار برامج عمل للتسويق والترويج، أو بحث فرص الانماء والإستثمار السياحي، والتنسيق مع باقي المتدخلين وطنيا وجهويا.
طبعا “مكتب مستقر بأعضائه” لا يمكن أن يكون باجتماع اكتفى فيه الحاضرون ب “تعيين السيد الرئيس” وفي لقاء كان ضمنه أشخاص انتفت فيهم الصفة التمثيلية للحضور، بل وبينهم من فقد الصفة في جمعيته الأصلية، أو غادر العمل في القطاع السياحي بشكل نهائي، فيما تم إقصاء أشخاص آخرون لهم كامل الصفة التي تؤهلهم لحضور أشغال تجديد هذا التنظيم الذي يعول عليه في الدفع بقاطرة التنمية السياحية للإقليم.
ولكن استحضار السياق الذي حدث فيه تجديد مكتب المجلس الإقليمي للسياحة بالحسيمة، قد يكون مفيدا ومفسرا لفهم السرعة والإرتجالية التي صاحبت وقائعه، خصوصا إذا علمنا أن الأمر حدث بعد أسبوعين، فقط، من مصادقة مجلس جهة طنجة- تطوان- الحسيمة على سلسلة من الاتفاقيات والمشاريع الرامية إلى تطوير وإنعاش القطاع السياحي بالجهة عبر رصد ميزانية مهمة، منها 300 مليون درهم لإحداث وتفعيل آلية لدعم الإستثمار والمقاولات السياحية المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا، ولكن اللهث وراء الموائد لا يكون سالما أحيانا، وقد يفسد السير ويعثر المشي في أحيان كثيرة.