
اليقين / نجوى القاسمي
في جلسة برلمانية ساخنة خُصصت لمناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026، وجّه عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، سهام انتقاد لاذعة للحكومة، متهما إياها بأنها “أخلفت موعدها مع التاريخ ومع انتظارات المغاربة”، وتحولت، حسب وصفه، إلى “جهاز إداري بلا نفس سياسي”.
وأوضح شهيد، خلال الجلسة العمومية المنعقدة يوم الخميس 13 نونبر 2025، أن الحصيلة المعروضة تكشف حكومة “راكمت الفشل وخذلت المواطنين”، مشدداً على أن هذه الأخيرة فقدت البوصلة في تدبيرها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ولم تفِ بالتزاماتها ولا بتوجيهات جلالة الملك.
وفي مستهل كلمته، أشاد رئيس الفريق الاشتراكي بخطوة بث جلسات مناقشة المشروع عبر الموقع الإلكتروني لمجلس النواب، معتبرا أنها مبادرة إيجابية نحو تعزيز الشفافية وتقريب المواطن من العمل البرلماني، غير أنه استدرك بالقول إن هذا الإجراء لم يخف الغياب اللافت لأعضاء الأغلبية عن النقاش والتصويت، معتبرا المشهد محرجا وغريبا، لأن مكونات التحالف الحكومي تتردد بين واجب المساندة وضرورة التعبير عن معاناة المواطنين.
ولم يتردد شهيد في انتقاد بعض الوزراء وأعضاء الأغلبية الذين أضفوا على أنفسهم طابع القداسة”، معتبراً أن المعارضة “تُمنع من ممارسة حقها في النقد والمساءلة.
وأكد أن حرية التعبير التي يتمتع بها الفاعلون السياسيون اليوم “ثمرة تضحيات جسيمة قدمها المغاربة، وفي مقدمتهم أبناء الحركة الاتحادية.
وفي تحليله لمضامين مشروع قانون المالية، قال شهيد إن الحكومة فشلت في تقديم رؤية اقتصادية واجتماعية جديدة، واستنسخت مقاربات سابقيها دون تقديم حلول واقعية للتحديات الكبرى، خصوصا في ما يتعلق بتفعيل النموذج التنموي الجديد، وتعبئة الاستثمارات، وإصلاح القطاع العام.
كما اتهمها بعدم تفعيل توجيهات الملك بشأن المخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، وإصلاح المندوبية السامية للتخطيط، والاهتمام بمغاربة العالم.
وأضاف المتحدث أن الحكومة تراجعت تدريجيا عن روح النموذج التنموي الجديد. وانتقلت من مرحلة الالتزام إلى مرحلة التقاطع في الرؤى، مشيرا إلى عجزها عن تحقيق أهدافها في خلق مناصب الشغل وتحفيز القطاع الخاص رغم الموارد المتاحة.
وعلى مستوى القطاعات الاجتماعية، فند شهيد ما سماه الخطاب التزييني للحكومة، مؤكدا أن الأرقام التي تقدمها غير دقيقة، وأن معدل المناصب المحدثة في التعليم ضعيف جدا، فيما تتسم أرقام التشغيل بـالتضارب وإعادة تدوير المناصب غير المستغلة.
وفي قراءته للمشهد الاجتماعي، اعتبر شهيد أن المغرب يعيش أعلى معدلات بطالة منذ أكثر من ربع قرن، إذ بلغت النسبة 13.3% سنة 2024، أي ما يعادل 1.6 مليون عاطل، غالبيتهم من الشباب.
كما وصف أزمة الأسعار وغلاء المعيشة بأنها السمة الأبرز للمرحلة، مبرزا أن مديونية الأسر ارتفعت إلى 427 مليار درهم، وأن 80% من الأسر المغربية تؤكد تدهور قدرتها المعيشية.
وحذر رئيس الفريق الاشتراكي من تداعيات هذا الوضع على البنية الديموغرافية، مشيرا إلى تراجع معدل الخصوبة إلى 1.97 طفل لكل امرأة، وهو ما اعتبره مؤشرا خطيرا على فقدان الثقة في المستقبل.
وفي ختام مداخلته، قدم شهيد تشخيصا قاسيا للحصيلة الحكومية، مؤكدا أن الحكومة استفادت من ظروف مالية مواتية بفضل ارتفاع عائدات الفوسفاط وانتعاش السياحة وتحويلات الجالية، لكنها “لم تكن في مستوى اللحظة التاريخية”.
We Love Cricket



