آخر الأخبارسياسة

القانون الجديد للمسطرة الجنائية يدخل حيز التنفيذ

اليقين/ نجوى القاسمي

دخل القانون رقم 03.23 المتعلق بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية حيز التنفيذ بعد سنوات من المناقشات البرلمانية والمصادقة الرسمية ونشر النص في الجريدة الرسمية. هذا القانون أعاد فتح نقاش واسع في الأوساط القانونية والحقوقية حول مدى قدرته على تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وحماية الحقوق والحريات الأساسية، ومدى فعاليته على أرض الواقع في ظل التحديات المعاصرة للعدالة الجنائية.

القانون جاء في مرحلة مفصلية، إذ تتعاظم توقعات المواطنين بخصوص حماية حقوقهم الفردية وتعزيز الثقة في المنظومة القضائية

أكثر من 400 مادة تم تعديلها أو إضافتها، ما يجعل مسألة تطبيق القانون على أرض الواقع العنصر الحاسم في تقييم نجاحه، بعيدا عن النصوص وحدها.

الديباجة الجديدة تمنح النص توجها واضحا نحو الاستناد على المبادئ الدستورية والاتفاقيات الدولية، وتوسع المرجعية الحقوقية مقارنة بالقانون السابق لسنة 2003. رغم ذلك لم تتجاوز الديباجة مرحلة الإعلان عن المبادئ إلى فرض مركزية الحقوق والحريات قاعدة ملزمة في فلسفة النص وممارسته اليومية.

إحدى النقاط الأكثر حساسية هي الحراسة النظرية، حيث لم يوضح القانون كيفية احتساب مدتها عند توقيف شخص خارج نطاق النيابة العامة المختصة.

يبقى السؤال حول بداية احتساب المدة من لحظة الاعتقال أو التسليم، وما هي الحسابات القانونية للساعات الأولى التي يقضيها الشخص لدى الشرطة. هذه التفاصيل ليست تقنية بحتة، بل ترتبط مباشرة بضمانات حقوق الفرد وفعاليتها في منع التعسف.

الاعتقال الاحتياطي أيضا عاد إلى الواجهة باعتباره إحدى القضايا الأكثر جدلا مع التركيز على ضرورة تحديد شروطه بوضوح بما يتوافق مع قرينة البراءة الدستورية، ويحد من الإفراط في اللجوء إليه خلال البحث، مع ضمان الحق في الطعن.

تغيير آخر أثار نقاشا واسعا يتعلق بصلاحية تحريك الدعاوى المتعلقة بالمال العام، والتي أصبحت حكرا على النيابة العامة، فيما فقدت الجمعيات المتخصصة هذه الإمكانية. هذا التعديل يقلص دور الرقابة المدنية ويحد من هامش المجتمع المدني في حماية المال العام، وقد يؤثر على استقلال القضاء ووظيفة المحاسبة.

الجانب الرقمي للتحديث يمثل ركيزة أساسية في تنفيذ القانون، من خلال تسريع الإجراءات، وتقوية الشفافية، وربط السجل الاجتماعي الموحد بالمساعدة القضائية، إضافة إلى تكوين القضاة ورجال الضبط القضائي والانفتاح على أدوات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الأحكام والمساطر

.في النهاية، القانون 03.23 يدخل حيز التنفيذ في سياق متوازن بين الطموح لتحديث العدالة ومتطلبات حماية الحقوق والحريات. الامتحان الحقيقي للورش يكمن في قدرة المؤسسات على تحويل النصوص إلى ضمانات ملموسة يشعر بها المواطنون في حياتهم اليومية.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى