
اليقين/ نجوى القاسمي
أصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية جملة من الملاحظات والاعتراضات بشأن مشروع القانون التنظيمي رقم 35.24 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية القوانين، والذي أحيل عليه قصد إبداء الرأي وفقًا لمقتضيات الدستور.
وجاء في تقرير المجلس السنوي، المنشور بالعدد 7447 مكرر من الجريدة الرسمية بتاريخ 14 أكتوبر 2025، أن المشروع يشكل خطوة مهمة نحو تعزيز الرقابة القضائية على القوانين وضمان صون الحقوق والحريات، إلا أنه ما يزال يتطلب تعديلات على عدد من الجوانب القانونية والإجرائية حتى يتوافق بشكل تام مع الدستور ويُسهم في ترسيخ الأمن القضائي.
وسجل المجلس ملاحظة بخصوص المادة الثانية من المشروع، والتي حصرت الأطراف المخول لها إثارة الدفع في: المدعي، المدعى عليه، المطالب بالحق المدني، المسؤول المدني، والنيابة العامة، معتبراً أن النص أغفل مسألة تقييد تدخل النيابة العامة في القضايا المدنية. ويرى المجلس أن منح النيابة العامة صلاحية تقديم الدفع في الدعاوى المدنية والتجارية والإدارية لا ينسجم مع طبيعة اختصاصها، وقد يؤدي إلى الإخلال بتوازن مراكز الخصوم وربك مسار التقاضي.
كما انتقد المجلس المادة الثالثة التي تتيح تقديم الدفع بعدم الدستورية أمام مختلف درجات التقاضي، بدءًا من المحاكم الابتدائية مرورًا بالاستئناف وصولًا إلى محكمة النقض، محذرًا من أن هذا التعدد قد ينتج عنه تفاوت في الأحكام وتأخير للبت في الملفات. لذلك اقترح قصر الاختصاص على المحاكم الابتدائية بصفتها الجهة التي تنظر النزاع ابتداءً، مع فتح باب الاستئناف عند الضرورة.
وشدد المجلس على ضرورة وضع مسار دقيق للدفع بعدم الدستورية، بما يَحول دون استعماله كآلية لتعطيل البت في القضايا أو المماطلة في الإجراءات.
وفي ما يخص المادة السادسة، أشار المجلس إلى أن الآجال المحددة داخلها، ولا سيما ما ورد في فقرتيها الأولى والثانية، لا تنسجم كليًا مع قواعد المسطرة المدنية، وهو ما قد يخلق لبسًا يتعلق بمهلة تصحيح المسطرة. وأوضح المجلس أن منح أجل ثمانية أيام لتدارك النواقص يحتاج إلى توضيح علاقته بأجل إحالة الدفع على محكمة النقض، منعًا لأي تفسيرات متعارضة.
أما المادة 29، فاعتبر المجلس أن صيغتها الحالية تتيح إمكانية إعادة تقديم الدفوع نفسها بشأن عدم دستورية مقتضيات سبق للمحكمة الدستورية أن حسمت فيها، خصوصًا من طرف أطراف جدد لم يشاركوا في القضية الأولى. وهذا الوضع، بحسب المجلس، قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الأحكام القضائية وإرباك توحيد الاجتهاد داخل المحاكم، بما يمس بمبدأ حجية قرارات المحكمة الدستورية ويدفع نحو فوضى قانونية محتملة.
We Love Cricket



