أخبارمنبر اليقين

المساجد التاريخية وضرورة التثمين

مع الحادث المأساوي بأحد مساجد مدينة مكناس منذ بضع سنوات والذي انهار على رؤوس المصلين، قررت مصالح وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية حينها إغلاق عدد كبير من المساجد عبر التراب الوطني، حرصا على سلامة المصلين، وهو القرار الذي لاقى كثيرا من الارتياح والتفهم من جانب المواطنين.
الغريب في الأمر أن بعض المديريات الجهوية والاقليمية للوزارة المعنية لا تزال تعتمد هذا القرار مرجعا لقرارات أخرى لا يمكن وصفها الا بكونها مجحفة ومتسرعة في حق المصلين حينا وفي حقي موروثنا الثقافي والمعماري أحيانا كثيرة.
قرارات المديريات قد يصل حد هدم هذه المعلمات الدينية تحت ذريعة “حماية المصلين”، وهو أمر غير مقبول بتاتا علما أن بعض المساجد تضرب بجذورها بعمق في التاريخ، حيث يمتد عمر بعضها الى قرون طويلة، مما يجعلها تحفا تستحق التأهيل والترميم عوض الهدم والمسح.
في منطقة افركلى العليا، تنجداد باقليم الرشيدية، يوجد مسجد “لجامع مقورن” بأسرير، وهو المسجد الذي يعود الى الفترة المرابطية حسب بعض الروايات، عطفا على مسجد “ئغرم أقديم” الذي يوجد بقصر الخربات والذي يمتد إلى أربعة قرون على الاقل، هما مسجدان يشكلان نموذجا لكنوز تراثية ومعمارية تستحق العناية من جانب المسؤولين.
سياق هذا الكلام حديث البعض عن عزم المندوبية الاقليمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالرشيدية على هدم البعض من هذه المعالم الثقافية والمعمارية، التي تعكس الثقافة الروحية للواحات وأهلها وتعلقهم ببيوت الرحمان وحرصهم على الاهتمام بها.
إذا كانت الموضوعية تقتضي التقرير بكون بعض المساجد غير صالحة لأداء الصلاة، فإن ذلك لا يمنع من ضرورة التفكير في طرق للحفاظ عليها وجعلها جزءا من ذاكرة المنطقة من خلال تحويلها الى مزارات سياحية تفتح في وجه السياح المغاربة والأجانب. وفي هذا الاطار لابد أن نستحضر مسجد “ئكالان” بأفانور إقليم تنغير، الذي أصبح مزارا مهما وقبلة للعديد من الزوار، بل ومورد رزق لمجموعة من المواطنين.
في الاخير يظل تثمين موروثنا المعماري مسؤولية وطنية يجب ان تتحملها الدولة كما المواطن لتحقيق الإقلاع التنموي المنشود، وبالتالي ندعو القيمين على مساجد إقليم الراشدية -وغيرها-، والتي تمتد الى فترات تاريخية بعيدة الى تثمينها وتحويلها الى مزارات سياحية، وفتح أبوابها أمام الزوار، للتعريف بتاريخ المنطقة واكتشاف الجانب الروحي للأسلاف.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى