
اليقين
تواصل أدوار النساء داخل المجتمع المغربي توسّعها بشكل لافت، لتتجاوز الإطار التقليدي نحو تحمل المسؤوليات الاقتصادية والأسرية. فبحسب أحدث تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، باتت امرأة واحدة تعيل نحو 19.2% من الأسر المغربية سنة 2024، أي ما يقارب أسرة من كل خمس أسر على الصعيد الوطني.
ويكشف تقرير “المرأة المغربية في أرقام 2025” عن تباين واضح بين الوسطين الحضري والقروي، إذ بلغت نسبة الأسر التي تعيلها نساء في المدن 21.6%، مقابل 14.5% فقط في المناطق القروية.ويرجع الخبراء هذا الارتفاع إلى تحولات اجتماعية واقتصادية عميقة، من بينها ارتفاع نسب تعليم النساء، وتراجع زواج القاصرات، وغلاء المعيشة الذي يدفع كثيراً من النساء إلى تقاسم أعباء الإعالة مع أزواجهن، أو تحملها بشكل كامل بعد الطلاق أو الترمل أو العزوبة.
كما ساهم توسع سوق العمل النسائي، ولو في وظائف غير مستقرة، في تعزيز هذا الدور الجديد.
وتشير معطيات التقرير إلى أن الأرامل يمثلن النسبة الأكبر من ربات الأسر (42.5%)، تليهن المتزوجات (25%)، ثم المطلقات (16.8%)، والعازبات بنسبة 15.7%. ورغم هذا الحضور المتزايد، لا تزال النساء يواجهن تحديات حقيقية في سوق الشغل؛ فمعدل المشاركة الاقتصادية للنساء لا يتجاوز 23%، مع تمركز عدد كبير منهن في القطاع غير المهيكل وضعيف الأجور.
كما يبرز التقرير ارتباط فرص العمل بمستوى التعليم، إذ يصل معدل التشغيل إلى 30.1% لدى النساء الحاصلات على تعليم عالٍ، مقابل 14% لمن لا يحملن أي شهادة. وفي المقابل، تسجل نسب التأنيث في المناصب العليا والمتوسطة حضوراً قوياً، حيث بلغت 45% في الأطر العليا وأعضاء المهن الحرة، و44.6% في الأطر المتوسطة خلال سنة 2024.
أما على الصعيد السياسي، فقد بلغت نسبة تمثيل النساء في الحكومة 22.6% سنة 2023، فيما وصلت نسبة المقاعد النسائية في مجلس النواب إلى 24.3% عام 2021، مقابل 12.5% في مجلس المستشارين.
وفي الجانب الاجتماعي، سجل التقرير تراجعاً واضحاً في ظاهرة زواج القاصرات، إذ انخفضت نسبة المتزوجات قبل 18 عاماً من 15.9% سنة 2004 إلى 8.4% سنة 2024، كما تراجع الزواج قبل سن 15 عاما من 2.5% إلى 0.2% خلال الفترة نفسها. في المقابل، تضاعف معدل العزوبة لدى النساء في سن 50 سنة تقريبا من 5.3% إلى 12.4% خلال العقدين الماضيين.
وتعكس هذه المؤشرات تحولات بنيوية عميقة في المجتمع المغربي، حيث أصبحت المرأة فاعلا مركزيا في إعالة الأسر، والمشاركة الاقتصادية، والحضور السياسي، ما يجعلها عنصرا محوريا في دينامية التغيير الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
We Love Cricket