امين سامي لليقين: قراءة لمسار 7 عقود الاقتصاد المغربي لم يسلك خطا مستقيمابل مسارا لولبيا قاده نحو السيادة

اليقين/نجوى القاسمي
في قراءة تحليلية لمسار الاقتصاد الوطني بمناسبة مرور سبعين عاما على الاستقلال، أكد الخبير الاستراتيجي الاقتصادي، أمين سامي، في تصريح خص به موقع “اليقين”،
أن قراءة الاقتصاد المغربي لا يمكن أن تتم باعتباره خطا تصاعديا بسيطا بل هو مسار “لولبي” مر بقطائع هيكلية حادة، مشددا على أن الانتقال من دولة خارجة من الاستعمار إلى اقتصاد منفتح ومندمج في سلاسل القيمة العالمية لم يكن مجرد خيار سياسي، بل ضرورة بقاء قصوى فرضتها الجغرافيا الصعبة وندرة الموارد الطاقية الأحفورية.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن هذا المسار الطويل بدأ بمرحلة “البناء الوطني” التي كان هاجسها الأكبر هو السيادة الاقتصادية عبر نموذج رأسمالية الدولة، حيث شكلت سياسة بناء السدود استباقا عبقريا للملك الراحل الحسن الثاني، طيب الله ثراه، لتأمين الأمن الغذائي، مرورا بمرحلة “التصحيح” في الثمانينيات عبر برنامج التقويم الهيكلي الذي لم يكن مجرد إجراء تقشفي، بل عملية جراحية قسرية فككت البنية التقليدية وهيأت الأرضية للانطلاق، وصولا إلى مرحلة الإقلاع والتموقع الجيواقتصادي تحت القيادة المتبصرة للملك محمد السادس، نصره الله، التي تميزت بالتحول من الاعتماد على الفلاحة والفوسفاط فقط، إلى تطوير “المهن العالمية للمغرب” كصناعة السيارات والطيران، وهو ما مكن المملكة من الخروج من فخ الدول الفقيرة والتحول من سوق استهلاكية إلى منصة إنتاج وتصدير عالمية.
أبرز سامي أن هذا التحول ارتكز على نقاط انعطاف حاسمة، استهلت بتغيير العقيدة المينائية واللوجستية عبر ميناء طنجة المتوسط الذي لم يكن مجرد مشروع بنية تحتية، بل قرارا استراتيجيا ربط المغرب بطرق التجارة العالمية، وخلق جاذبية مغناطيسية لصناعة السيارات، مؤكدا أنه لولا هذا الميناء لما وجدت منظومات صناعية عالمية بالمملكة، وهو ما يجسد الترابط النسقي العميق بين اللوجستيك والصناعة.
وبالموازاة مع ذلك، أشار المتحدث ذاته إلى التحول الجذري في استراتيجية المكتب الشريف للفوسفاط، الذي انتقل من تصدير الخام الرخيص إلى السيطرة على سوق الأسمدة، مانحا المغرب ورقة ضغط دبلوماسية ناعمة تربط الأمن الغذائي العالمي بالقرار السيادي للرباط، وهو توجه تعزز بتحقيق السيادة الطاقية عبر مشاريع الطاقات المتجددة، التي لا تعتبر خيارا بيئيا فحسب، بل أساسا سياديا لبناء عرض المغرب في الهيدروجين الأخضر وتجاوز ضريبة الكربون الأوروبية مستقبلا
واسترسل الخبير الاستراتيجي في تصريحه لـليقين موضحا أن المغرب استثمر بذكاء في استقراره السياسي كعملة نادرة في المنطقة لجعل المملكة “ملاذ آمنا” للاستثمارات، بالتزامن مع التوجه نحو العمق الإفريقي الذي حوّل الدار البيضاء إلى عاصمة مالية للقارة، وربط الاقتصاد الوطني بسوق استهلاكية إفريقية ضخمة لتعويض شيخوخة الأسواق الأوروبية.
وختم أمين سامي تصريحه بالتأكيد على أن الرهان الحالي ينصب على معادلة الماء مقابل النمو وتفعيل الدولة الاجتماعية كرافعة اقتصادية لرسملة الطلب الداخلي وحماية القدرة الشرائية، إضافة إلى الاستثمار المكثف في الرأسمال البشري والرقمنة لمواكبة الثورة الصناعية.
We Love Cricket




