
تعيش مخيمات تندوف على وقع حالة غير مسبوقة من الانفلات الأمني والفوضى، بعدما شهدت خلال الساعات الأخيرة سلسلة من الهجمات المسلحة وأعمال النهب التي استهدفت المدنيين ومخازن التموين، في ظل غياب شبه تام لميليشيات “البوليساريو” التي انشغلت بتأمين مواقعها وفرض قيود مشددة على تحركات السكان.
ووفق مصادر محلية متطابقة، فإن مجموعة من الملثمين المسلحين بأسلحة نارية اقتحموا مخازن للمواد الغذائية في دائرة تشلة التابعة لما يسمى “مخيم أوسرد”، حيث أطلقوا النار لبث الرعب بين الأهالي، قبل أن ينهبوا كميات كبيرة من المؤن. وقد حاول بعض المدنيين التصدي لهم، غير أنهم تعرضوا للتهديد والعنف، وسط حالة من الهلع والصراخ عمت المكان.
ولم تتوقف الاعتداءات عند هذا الحد، إذ أقدم المهاجمون على اقتحام خيمة عائلة صحراوية معروفة بالثراء، تعود للمسمى حمادي ولد أحمد، حيث تم تهديد أفرادها بالسلاح وسرقة مبالغ مالية ومجوهرات، رغم امتلاك العائلة لعدة سيارات رباعية الدفع ومعدات زراعية. وأبرز هذا الحادث مدى غياب الأمن، وهيمنة منطق القوة والعصابات داخل المخيمات.
ويرى مراقبون أن ما حدث ليس سوى انعكاس مباشر لتدهور الوضع الداخلي بمخيمات تندوف، حيث تتزايد مظاهر الفوضى والجريمة وسط صراع النفوذ وتنامي أعمال الانتقام، في وقت تغيب فيه أي سلطة قانونية أو جهاز منظم قادر على حماية المدنيين.
كما يشير متتبعون إلى أن قيادة البوليساريو تتحمل مسؤولية مباشرة عن هذا الانفلات، بعدما انشغلت بالدعاية السياسية وتنظيم الوقفات الإعلامية، بدل معالجة مشاكل الأمن والمعيش اليومي داخل المخيمات التي ترزح تحت أوضاع إنسانية مزرية.
وتكشف هذه الأحداث، بحسب خبراء في الشأن الصحراوي، أن المخيمات تحولت فعليًا إلى فضاء يسوده قانون الغاب، حيث يعيش السكان تحت رحمة مجموعات مسلحة تستغل الفوضى لتحقيق مصالحها الخاصة، في ظل صمت مطبق من القيادة الانفصالية.
ويبقى السؤال المطروح: كيف يمكن لتنظيم يدّعي تمثيل “قضية شعب” أن يعجز عن حماية سكانه ويتركهم يواجهون الخوف والجوع والفوضى؟
الجواب، كما يؤكد المراقبون، هو أن الأمن والكرامة الإنسانية في تندوف أصبحت آخر ما تفكر فيه قيادة البوليساريو، وأن المخيمات تحولت إلى مسرح للفوضى والعنف، بعيدًا كل البعد عن الشعارات التي ترفعها الجبهة في المحافل الدولية.




