آخر الأخبارسياسة

بلال المراوي لليقين: المحددات الدستورية لخطة الحكم الذاتي تنطلق من احترام السيادة المغربية ووحدة التراب الوطني

اليقين/ نجوى القاسمي

في سياق الحركية السياسية المتواصلة التي تعرفها الساحة الوطنية عقب دعوة جلالة الملك محمد السادس إلى إشراك القوى الحزبية في بلورة رؤية موحدة لتفعيل مقترح الحكم الذاتي، تتعالى الأصوات الأكاديمية والسياسية لتثمين هذه المقاربة التشاركية التي تعكس إرادة ملكية واضحة في جعل الأحزاب جزءاً فاعلاً من ورش وطني استراتيجي يرسم ملامح المستقبل.

ويؤكد هذا التوجه ما نص عليه الفصل السابع من الدستور المغربي، الذي يمنح الأحزاب السياسية دورامحوريا في تأطير المواطنين وتعزيز المشاركة السياسية، وتمثيل الإرادة الشعبية في القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها ملف الصحراء المغربية باعتباره قضية سيادة ووحدة وطنية غير قابلة للتجزئة.

وفي هذا الإطار، قال بلال المراوي، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، في تصريح لموقع «اليقين»، إن المحددات الدستورية التي ستؤطر خطة الحكم الذاتي تنطلق أولا من مبدأ احترام سيادة المغرب ووحدته الترابية، بما يعني أن منح إقليم الصحراء المغربية حكما ذاتيا لا يمكن أن يتم إلا في إطار السيادة المغربية الكاملة، باعتباره الحل الواقعي والأكثر مصداقية واستدامة.

وأوضح المراوي أن الخطة المقترحة لا تقتصر على الصحراء فحسب، بل يمكن أن تُحدث دينامية جديدة في تدبير الشأن الترابي على مستوى مختلف الجهات، من خلال توسيع صلاحيات الجماعات الترابية ومنحها نوعا من الاستقلالية في التدبير المحلي، ما يعزز مبدأ اللاتمركز الإداري والجهوي ويقوّي الحكامة الترابية.

وأضاف الباحث أن الدستور سيحدد بوضوح الفصل بين اختصاصات الدولة المركزية ومنطقة الحكم الذاتي، مشيرا إلى أن الأخيرة ستكون لها مؤسساتها السياسية الخاصة، من حكومة وبرلمان، تُعنى بتدبير الشؤون المحلية في نطاق الصلاحيات المتفق عليها ضمن المفاوضات، مع احترام السيادة الدستورية والوطنية للمملكة المغربية.

وأشار المراوي إلى أن التجارب المقارنة في عدد من الدول أظهرت نجاح هذا النموذج، موضحا أن منطقة الحكم الذاتي قد تتوفر على صلاحيات واسعة في مجالات الضرائب والاستثمار وسن القوانين المحلية بما يتلاءم مع خصوصيتها الاجتماعية والاقتصادية، بل وقد تشمل أيضا هيئة قضائية مستقلة لتدبير المنازعات داخل الإقليم، على غرار ما هو معمول به في جزر الكناري بإسبانيا، وإقليم كردستان العراق، وجزر الآزور بالبرتغال.

وختم الباحث تصريحه بالتأكيد على أن إشراك الأحزاب في هذا الورش الوطني يعكس إيمان جلالة الملك بالمقاربة التشاركية، ويؤسس لمرحلة جديدة من الديمقراطية التوافقية، قوامها توزيع أمثل للاختصاصات بين المركز والجهات، وترسيخ نموذج مغربي للحكم الذاتي يجمع بين الواقعية السياسية والمرجعية الدستورية في إطار الوحدة الوطنية.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى