
أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن المملكة لم تبلغ بعد مرحلة تعويم الدرهم، مشددا على أن خيار التعويم الشامل “غير وارد حاليا”، في مقابل توجه استراتيجي يعطي الأولوية لاعتماد نظام “استهداف التضخم” بشكل تدريجي ومحسوب.
وجاءت تصريحات الجواهري خلال الندوة الصحافية التي أعقبت اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي، والذي تقرر فيه الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 2,25 في المائة. وأوضح المسؤول النقدي الأول أن تدبير سعر الصرف يظل خاضعا لمقاربة تقوم على التريث والتدرج، تفاديا لأي اختلالات محتملة في التوازنات الاقتصادية والمالية.
ويرى محللون اقتصاديون أن موقف بنك المغرب يعكس تفضيلا لمواصلة تحريك الدرهم داخل نطاق مرن مرتبط بسلة العملات المعتمدة، المكونة من 60 في المائة من اليورو و40 في المائة من الدولار، مع إمكانية توسيع هامش التحرك مستقبلا دون الانخراط في تعويم كامل للعملة الوطنية.
وفي هذا السياق، اعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة بني ملال، محمد عادل إيشو، أن السلطات النقدية والمالية عملت، خلال السنوات الأخيرة، على تهيئة الاقتصاد الوطني لتحمل قدر أكبر من المرونة، من خلال تقليص عجز الميزانية، وتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، وتقوية متانة القطاع البنكي. وذكّر بأن إصلاح نظام الصرف انطلق فعليا سنة 2018 عبر توسيع نطاق تقلب الدرهم، في ظرف اتسم باستقرار المؤشرات الماكرو-اقتصادية.
من جهته، شدد الخبير الاقتصادي عمر باكو على نجاعة خيار التدرج، معتبرا أنه يسمح للفاعلين الاقتصاديين، من أبناك ومقاولات ومستوردين ومصدرين، بالتأقلم التدريجي مع تقلبات سوق الصرف واكتساب أدوات التحوط ضد المخاطر، دون تعريض الاقتصاد لصدمات مفاجئة.
وأشار باكو إلى أن استقرار الدرهم خلال السنوات الماضية ساهم في الحد من المضاربات وتعزيز الثقة في العملة الوطنية، مبرزا أن بنك المغرب يواكب هذا المسار بإعداد الآليات التقنية والمؤسساتية اللازمة للانتقال نحو نظام استهداف التضخم، في أفق مرحلة تجريبية مرتقبة ابتداء من سنة 2026.
ويُنتظر أن يشكل هذا التحول منعطفا في السياسة النقدية المغربية، حيث سيصبح سعر الفائدة الأداة الرئيسية لضبط التضخم وتوجيه النشاط الاقتصادي، بدل التركيز المباشر على سعر الصرف، على أن يتم التفعيل الكامل للنظام الجديد في أفق 2027، مع الحرص على الحفاظ على الاستقرار المالي وحماية القدرة الشرائية.
We Love Cricket




