بيداغوحيات العصر من القراءة في صفحات الكتب الى القراة على شاشة الحاسوب
لعل المهتم بقضايا التربية والتعليم وبكل المستجدات في مجال البيداغوجيا سيلاحظ تلك القفزة النوعية في بلادنا بالأخص بحيث ما ان ظهرت بيداغوجيا الأهداف في امريكا سنة 1980والتي جاءت تسميتها من المجال العسكري لتقتحم المجال التعليمي تسمية وتطبيقا حتى وجدنا انفسنا في منظومتنا التعليمية في المغرب ايضاً نشتغل مع تلاميذنا بيداغوجيا بلد متقدم عسكريا واقتصاديا ولديه كل الإمكانيات المادية والمعنوية واللوجستية لتحقيق الاهداف المرجوة على المدى القريب والبعيد وبناء على نظرة مركزة وهادفة،، وربما نحن في بلدنا كانت نظرتنا في التعامل مع الهدف تضع نصب الأعين هدفا واحدا حتى بالمفهوم العسكري وهو مفهوم الهدف \ العدو الذي هو الجهل والأمية في ثوب ملفوف بتكوين المواطن الصالح القادر على العطاء من اجل تحقيق اهداف شخصية واخرى عامة تتعلق بالمجتمع ككل،، لكن محدث ومع كل الاسف والحسرة أنه وبعد فترة قصيرة جدا ولم نحقق من خلالها اية أهداف طلع علينا من يهمهم الأمر ببيداغوجيا الكفايات …
فاصبح المدرس تائها في مجال عمله بين مطرقة المقاربات النظرية والتطبيقية وسندان المعارف والمهارات والافكار والمضامين،،، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بحدة في هذا المجال هو هل نستطيع خلق قطيعة تامة مع كل توجه قديم وبيداغوجيا قديمة بالعكس لن نستطيع الى ذلك سبيلا ،فكلما تقدمنا في الزمان والمكان إلا وعدنا الى الماضي باحثين ومنقبين عن وسائل وافكار تسعفنا في مواكبة التطور الطبيعي اذا، ومن هذا المنطلق فليس كل قديم منبوذ وليس كل جديد مقبول لذلك وفي زمنا الحالي وفي اطار البيداغوجيا لم تمت نظرية اللعب عند سقراط بحيث اصبحت اكثر حضورا في عصرنا الحالي لأنها مبنية على اسس معرفية معقولة ومقبولة وفعالة،، تماما كما هو الشأن في بيداغوجيا الخطأ مع المفكر والفيلسوف الفرنسي كاستون بشلار Gaston Bachelard والذي اعتمد بيداغوجيا الخطأ كمحطة ضرورية لفهم الخطأ وتصنيفه وتصحيحه وها نحن ألآن نعود ايضا الى المقولة العربية من الخطأ يتعلم الناس وان كانت المقولة تحتاج إلى بلورة وتدقيق وتفصيل حتى تتحول إلى منهاج عملي قابل للتطبيق ،، ومن هذا المنطلق سأعود الى الطرح الأول فهل مع ظهور الحاسوب انتهى عصر الكتاب المدرسي بصفة خاصة والكتاب بصفة عامة واكتفينا بالكتاب المحمل على شاشات الحاسوب؟ الجواب لا بالطبع فمع ذلك مازالت للكتاب المدرسي مكانته الخاصة في المدارس وفي الجامعات وفي بيوتنا بل ان قدسية الكتب السماوية المنزلة ستظل على حالها الى ان يرث الله الارض ومن عليها ومرة ما زلت اذكر داخل حجرة الدرس فاجأني احد التلاميذ قائلا هل سيظل القرآن الكريم في عصر الحاسوب يحظى بنفس مكانه المصحف المكتوب فقلت الحاسوب خدم المصحف في الشرح والترتيل وتبسيط البحث عن الآيات وتصنيفها،،، ولكننا عندما نقرأ القرآن الكريم وننهي القراءة في المصحف الشريف نقوم بتقبيله ووضعه في المكان الخاص به بينما لا نقبل شاشة الكمبيوتر او الحاسوب ونحن نستمع من خلاله لسورة من القرآن الكريم،، اذا فالزمان يتغير والمكان يتغير ورغم كل التطور الحاصل في العالم هناك العديد من الناس يفضلون الكتابة بالقلم على الورق بدل الكتابة باللمس والنقر على الازرار في الكومبيوترات او الهواتف الذكية
ونفس الشيء يقال على سبورة الذكاء الاصطناعي التي ظهرت في الصين مؤخرا والتي تعتمد على الأصابع لكتابة ما يراد كتابته وكذلك هو الشأن بالنسبة للسبورة الناعمة مع اقلام اللبد لأن المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية والسياسية هي التي تتحكم في اختيارات البشر بحيث لا يمكن مثلا في الوقت الراهن للعديد من الدول التعامل مع السبورة الخارقة في امريكا و في الصين نفسها والتي هي في طور التجريب بل سوف تصبح من غرائب المخترعات بحيث يقوم المدرس بإملاء النص شفويا وتقوم السبورة الخارقة \ الشاشة بعكس مكتوبا عليها، فالإنسان الذي توصل صنع اجيال من الهواتف الذكية التي تحير العقل قادر على صنع العجب العجاب ويبقى الأمل معقودا على العلم والمعرفة والعلماء لإسعاد البشرية لا الى صنع اسلحة الدمار الشامل وهذه اسمى وانبل وأقدس مهمة للإنسان على وجه الأرض منذ ان خلقه الواحد الاحد الفرد الصمد
لمسة الاستاذ جمال الحداوي الخميسات