
اليقين / نجوى القاسمي
دعا تقرير برلماني حديث إلى إدماج محاربة الأمية ضمن الأهداف الاستراتيجية للمنظومة التعليمية، مع تعزيز دور وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في إعداد السياسات والبرامج ذات الصلة.
وأكد التقرير، الذي أعدته مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة بمجلس النواب، على ضرورة صياغة سياسة عمومية شاملة ومندمجة وفق مقاربة تشاركية تشمل مختلف الفاعلين.
سياسة وطنية مندمجة وآليات تتبع فعالة
أوصى التقرير بضرورة إعداد هذه السياسة وفق أهداف دقيقة ومؤشرات قياس واضحة، مع أجندة زمنية محددة للتنفيذ على المستويين المركزي والترابي. كما دعا إلى تعزيز آليات التتبع والتقييم من أجل ضمان الفعالية والانسجام بين مختلف المتدخلين.
وفي السياق ذاته، شدد التقرير على ضرورة ربط برامج محو الأمية الوظيفية بسياسات التشغيل والتكوين المهني، بما يتيح انتقال المستفيدين من التعلم إلى التأهيل المهني والتمكين الاقتصادي.
إعادة تحديد مهام الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية
سجلت الوثيقة ضرورة تقييم فعالية الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، والدعوة إلى إعادة تحديد المهام بينها وبين الجمعيات. كما تم اقتراح تعديل المادة 3 من القانون رقم 38.09 بما يضمن تخصيص موارد مالية تربط برامج محو الأمية بمشاريع مدرة للدخل ومحاربة الفقر، مع تعزيز آليات المراقبة والتقييم.
ودعا التقرير كذلك إلى تعديل المادة 24 من القانون الإطار 51.17 لتوفير التمويل اللازم لتمكين الأشخاص المتحررين من الأمية من الاندماج الاقتصادي والمهني.
برامج ملائمة للخصوصيات الثقافية واللغوية
أوصت المجموعة الموضوعاتية بإعداد دليل مرجعي للمقررات التعليمية يشمل المهارات الأساسية والحياتية والمهنية، مع إمكانية تكييفها حسب طبيعة الفئات المستهدفة. كما تمت الدعوة إلى تطوير محتوى أندراغوجي يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية واللغوية والجغرافية للمناطق المختلفة، وتعزيز الثقة بالنفس لدى المستفيدين.
وشدد التقرير على أهمية إدماج المهارات التطبيقية والحرفية في البرامج، بهدف ربط التعلم بالإنتاج وتحفيز المستفيدين على إنشاء مقاولات صغيرة.
كشف التقرير عن أثر إيجابي متعدد الأبعاد لبرامج محو الأمية على المستوى التعليمي والاجتماعي والصحي، مع تسجيل محدودية على مؤشر التنمية البشرية. وأوضح أن البرامج ساهمت في رفع نسب الإلمام بالقراءة والكتابة لدى فئة الشباب، وتحقيق تحولات واضحة في دور النساء داخل الأسرة والمجتمع.
كما رصد التقرير تحسناً في السلوكيات الصحية لدى النساء، خاصة في العالم القروي، من خلال الإقبال على التلقيح وتنظيم الأسرة والاستشارات الطبية، مع تراجع الاعتماد على الممارسات التقليدية.
الرقمنة وتعزيز الولوج إلى التعلم
أوصى التقرير بضرورة تعزيز إدماج محاربة الأمية في السياسات الحكومية المستقبلية كخيار استراتيجي. كما دعا إلى الاستفادة من الوسائل الرقمية في التكوين، خاصة في المناطق النائية، وتوسيع التغطية الإعلامية لنشر ثقافة التعلم مدى الحياة.
ودعت المجموعة إلى تحيين خريطة الفئات المستهدفة اعتماداً على بيانات الإحصاء، مع توفير آليات للمواكبة بعد التخرج لتفادي العودة إلى الأمية.
خلصت التوصيات إلى ضرورة تعزيز برنامج ما بعد محو الأمية، ورفع مكانة شهادة محو الأمية لتصبح أداة عملية للولوج إلى التكوينات المهنية والخدمات الاجتماعية، مما يجعل منها حافزاً حقيقياً للمشاركة والانخراط في برامج التعلم.
يُبرز التقرير البرلماني بوضوح أن محاربة الأمية لم تعد مجرد ورش اجتماعي، بل ركيزة أساسية لأي مشروع تنموي مستدام، تستوجب تنسيقا بين مختلف المتدخلين، واعتماد مقاربات حديثة تدمج التكوين المهني والتمكين الاقتصادي والرقمنة.
We Love Cricket