
اليقين/ نجوى القاسمي
في خضم الجدل الدائر حول تدبير الاحتجاجات التي عرفتها عدة مدن مغربية مطلع أكتوبر الجاري، كشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن معطيات مثيرة للقلق بخصوص ما وصفته بـ”انتهاكات جسيمة” مست حقوق المحتجين وضمانات المحاكمة العادلة.
وخلال ندوة صحافية عقدتها بالرباط أمس الجمعة 24 أكتوبر قدمت الجاري الجمعية تقريرها الأولي حول “الانتهاكات المرتكبة ضد حراك جيل Z وباقي الاحتجاجات”، مؤكدة أن السلطات أقدمت على “اعتقالات كثيفة وعشوائية” طالت المئات من المواطنين، بينهم عدد كبير من القاصرين.
وأشار التقرير إلى أن المئات من المواطنين تم توقيفهم خلال تلك الأحداث، بينهم عدد كبير من القاصرين، وأن الاعتقالات لم تتوقف بمجرد انحسار الاحتجاجات في الشوارع، بل امتدت لأيام لاحقة في مدن مثل مراكش وخاصة بمنطقة سيدي يوسف بن علي، ثم القليعة بإنزكان ومكناس، وصولا إلى العاشر من الشهر الجاري. وأوضحت الجمعية أن الكثير من هذه التوقيفات جرت ليلا ما بين الثانية والخامسة صباحا بواسطة فرق خاصة اقتحمت المنازل دون أمر قضائي مكتوب، وهو ما اعتبرته خرقا واضحا للقانون والمساطر المعمول بها.
ولفت التقرير إلى أن محاضر الشرطة أنجزت بسرعة لافتة، وأن عددا من المعتقلين نُسبت إليهم تهم جنائية ثقيلة، من قبيل إضرام النار عمدا في ممتلكات عامة وخاصة وتهديد الأمن العام، وهي التهم التي صدرت استنادا إليها أحكام وُصفت بـالقاسية، وصلت إلى خمس عشرة سنة سجنا نافذا بحق بعض المتابعين من أيت اعميرة وتزنيت وتارودانت. وأضافت الجمعية أن باقي المحالين على المحاكم الابتدائية يواجهون بدورهم تهم التظاهر غير المرخص والعصيان والتحريض على التجمهر وإهانة القوة العمومية، بعقوبات قد تصل إلى خمس سنوات حبسا.
وشدد التقرير على وجود خروقات تمس حقوق الطفل، حيث جرى الاستماع إلى قاصرين دون حضور أوليائهم أو مؤازرتهم، بل إن بعض المحاضر تضمنت اعترافات منسوبة لأطفال لا تتجاوز أعمارهم اثني عشر عاما، وهو ما يشكل، بحسب الجمعية، انتهاكا صارخا للاتفاقيات الدولية ولقانون المسطرة الجنائية.
كما أشار التقرير إلى أن ظروف تقديم المعتقلين أمام النيابة العامة كانت صعبة، إذ لم يتمكن أغلبهم من توكيل محامين أو حتى إخبار أسرهم باعتقالهم، بينما رفضت بعض المحاضر تدوين تصريحات بشأن تعرّض الموقوفين للعنف، رغم وجود آثار بارزة للضرب على أجسادهم.
وفي جانب آخر، أفادت الجمعية بتوثيق حالات تحرش جنسي بشابات معتقلات، خصوصا داخل مخافر الشرطة بالرباط، إضافة إلى إهانات وعبارات وصفت بأنها حاطة بالكرامة الإنسانية خلال فترات الحراسة النظرية. وأعربت الهيئة الحقوقية عن استغرابها من السرعة الكبيرة في إصدار الأحكام القضائية، معتبرة أن الهدف منها هو بث الخوف في نفوس المحتجين ومحاولة منع أي امتداد جديد للحراك.
كما أكد التقرير أن المقاربة الأمنية لم تقتصر على الشوارع، بل امتدت إلى الفضاء الرقمي أيضا، حيث تمت مصادرة الهواتف وتفتيشها مباشرة بعد التوقيف، من دون أي إذن قضائي، في مخالفة صريحة لقوانين حماية المعطيات الشخصية. ولم يسلم نشطاء حقوقيون من المتابعات، بينهم أعضاء في الجمعية نفسها تمت إدانتهم بخمسة أشهر سجناً نافذاً بسبب تضامنهم مع القاصرين الموقوفين.
وختمت الجمعية تقريرها بالتأكيد على أن ما وقع يستدعي تحركا عاجلا لحماية الحقوق الأساسية للمواطنين، وإيقاف المتابعات التي اعتبرتها “ترهيبية”، مع دعوة المؤسسات الرسمية إلى فتح تحقيق شفاف حول جميع الانتهاكات المزعومة وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة للجميع.
We Love Cricket




