
اليقين/ نجوى القاسمي
أصبحت الرياضة في المغرب خلال العقدين الأخيرين أكثر من مجرد منافسة داخل الملاعب، لتحمل اليوم ملامح مشروع وطني متكامل يرسم صورة جديدة للمملكة على الساحة الدولية. فمن خلال رؤية ملكية واضحة وضع أسسها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، تحوّلت الرياضة إلى رافعة دبلوماسية ناعمة وإلى عنصر مركزي في النموذج التنموي الجديد، عبر الاستثمار في البنيات التحتية الحديثة، وتأهيل الطاقات الشابة، وتعزيز إشعاع المغرب قاريا ودوليا.
هذا التحول الكبير، الذي تُجسّده نتائج المنتخبات ونجاحات الأندية، يعكس دينامية غير مسبوقة جعلت المغرب رقما صعبا في مختلف الرياضات، ووجهة رئيسية لتنظيم التظاهرات العالمية الكبرى.
وأكد الخبير في السياسات العمومية رضوان جخا في تصريح خص به موقع اليقين أن الرياضة المغربية عرفت خلال السنوات الأخيرة قفزة نوعية، خاصة في كرة القدم التي تحولت إلى واجهة دبلوماسية مؤثرة، تمنح المغرب إشعاعاً عالمياً وتساهم في تعزيز جاذبيته السياحية والاستثمارية. واعتبر أن اللحظة المفصلية في هذا المسار تمثلت في إنجاز المنتخب الوطني خلال كأس العالم 2022، حين تصدر اسم “Morocco” مؤشرات البحث العالمية على محرك “غوغل”، ما يعكس القوة الناعمة التي بدأت المملكة تبنيها عبر الرياضة.
وأضاف جخا أن هذه التحولات ليست وليدة الصدفة، بل ثمرة رؤية استراتيجية ملكية انطلقت مع مناظرة الصخيرات يومي 24 و25 أكتوبر 2008، والتي شكلت منعطفاً حاسماً في إعادة تقييم واقع الرياضة الوطنية ووضع أسس لإصلاح شامل. وبعد أقل من سنة، جاء إطلاق أكاديمية محمد السادس لكرة القدم كترجمة عملية لهذه الرؤية، حيث اعتمدت تكويناً مزدوجاً ومهنياً أفرز نخبة من أبرز لاعبي الجيل الجديد، مثل نايف أكرد، ياسين بونو، ويوسف النصيري.
وأشار المتحدث إلى أن الأكاديمية لم تقتصر نتائجها على كرة القدم الاحترافية، بل ساهمت أيضاً بشكل مباشر في تتويج المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة بكأس العالم للشباب في الشيلي، حيث ضمت تلك التشكيلة عدداً من خريجي الأكاديمية نفسها.
وسجل جخا أن الاستراتيجية الملكية أثمرت سلسلة من الإنجازات غير المسبوقة، أبرزها احتلال الرتبة الرابعة عالمياً في مونديال 2022، والتتويج بكأس العالم للشباب، وبلوغ ثمن نهائي كأس العالم لأقل من 17 سنة، فضلاً عن الفوز بكأس إفريقيا للفئة نفسها، والميدالية البرونزية في أولمبياد باريس، إلى جانب تتويج المنتخب الوطني للمحليين بكأس إفريقيا، ووصافة المنتخب النسوي لكأس إفريقيا، والنتائج البارزة لمنتخب الفوتسال الذي أصبح رقماً ثابتاً قارياً وعالمياً.
وعلى مستوى الأندية، يبرز جخا النجاحات المتتالية التي حققتها الفرق الوطنية، من بينها تتويج نهضة بركان والرجاء الرياضي بكأس الكونفدرالية الإفريقية، ما عزز الحضور المغربي في الساحة القارية.
ومن جهة أخرى، شدد الخبير على أن هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا توفر بنيات تحتية رياضية من الجيل الجديد، جعلت من الرباط “عاصمة للرياضة الإفريقية”، بفضل منشآت كبرى مثل ملعب بنسليمان المتوقع أن يحتضن افتتاح أو نهائي كأس العالم، والملاعب الكبرى بمراكش وأكادير والدار البيضاء وفاس، فضلاً عن البنيات الرياضية الحديثة في الأقاليم الجنوبية، ومعاهد تكوين رياضي متطورة تراهن على تأهيل المواهب.
وأكد جخا أن جلالة الملك محمد السادس يضع الشباب في صلب النموذج التنموي الجديد، وهو ما أكده في خطاب العرش لسنة 2023، حيث دعا إلى توفير الظروف المناسبة لتمكين الشباب من تحقيق نتائج مبهرة تجمع بين الروح الوطنية والإرادة القوية.
كما ذكّر المتحدث بالالتفاتات الملكية تجاه الرياضيين المغاربة، سواء من خلال الاحتفاء بالمنتخب الوطني بعد بلوغ ربع نهائي مونديال قطر، أو توشيح اللاعبين بأوسمة ملكية، إضافة إلى إشراف ولي العهد الأمير مولاي الحسن على تكريم منتخب أقل من 17 سنة، وكذا الرسائل الملكية الموجهة إلى مختلف الأبطال، آخرها رسالة التهنئة لفريق الجيش الملكي النسوي بعد تتويجه بكأس إفريقيا للأندية.
وختم جخا تصريحه بالتأكيد على أن المغرب بات اليوم أرضا للتظاهرات الرياضية العالمية الكبرى، من بينها كأس العالم لكرة القدم وكأس إفريقيا للأمم، واستضافة جوائز الكاف لسنوات متتالية، مشدداً على أن كل هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا الرؤية الملكية بعيدة المدى والتنزيل المحكم من طرف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بقيادة فوزي لقجع.
We Love Cricket




