آخر الأخبارسياسة

جخا لليقين: ضعف التفعيل يفرغ الديمقراطية التشاركية من مضمونها الحقيقي

اليقين/ نجوى القاسمي

شكّل دستور 2011 منعطفا مفصليا في تطور النظام السياسي بالمغرب، بعدما وسّع مفهوم الديمقراطية من بعدها التمثيلي التقليدي إلى أفق أرحب قوامه الديمقراطية التشاركية، باعتبارها خيارا استراتيجيا يرسّخ المواطنة الفاعلة، ويمنح الأفراد والجمعيات دور الشريك في بلورة السياسات العمومية وتتبعها وتقييمها.

ومنذ ذلك التاريخ، انخرط المغرب في ورش تشريعي ومؤسساتي متواصل، هدفه تنزيل هذه المبادئ الدستورية على أرض الواقع، وربط القرار العمومي بانتظارات المجتمع المدني ونبض الشارع.

ومع حلول سنة 2025، دخل هذا المسار مرحلة التقييم، بعد تراكم التجارب واستكمال جزء مهم من الترسانة القانونية المؤطرة لمشاركة المواطنات والمواطنين.

في هذا السياق، اعتبر الفاعل المدني رضوان جخا أن سنة 2025 شكلت محطة أساسية لتقييم مسار الديمقراطية التشاركية بالمغرب، مستحضرا المرجعية الدستورية التي أرساها دستور 2011، والتي جعلت من المشاركة المواطنة ركيزة من ركائز البناء الديمقراطي.

وأوضح جخا، في تصريح خص به موقع اليقين، أن الفصل الأول من الدستور كرّس مبدأ المواطنة والمشاركة السياسية، فيما عززت فصول أخرى هذا التوجه، خاصة الفصول 12 و13 و14 و139، التي تؤطر أدوار الجمعيات، وهيئات التشاور، والعرائض، والملتمسات، وآليات الحوار العمومي على مختلف المستويات الترابية.

وبحسب المتحدث، فقد شهدت سنة 2025 مواصلة تنزيل هذه المقتضيات الدستورية عبر تحيين القوانين التنظيمية للجماعات الترابية (111.14، 112.14، 113.14)، إلى جانب تطوير القوانين التنظيمية 70.21 و71.21، بهدف تسهيل تقديم الملتمسات والعرائض الوطنية، وتجاوز العراقيل المسطرية التي كانت تحد من المبادرة المدنية.وأشار جخا إلى أن هذه التعديلات همّت أساساً تبسيط الشروط، من خلال خفض عدد التوقيعات المطلوبة، واعتماد الوسائل الرقمية عبر البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة، وربط العملية بأرقام البطائق الوطنية بدل الوثائق الورقية، بما يفتح المجال أمام مشاركة أوسع وأكثر فعالية.

ورغم هذا التطور على المستوى التشريعي، سجل الفاعل المدني أن حصيلة المشاركة على الصعيد الوطني ما تزال محدودة، إذ لم يتجاوز عدد العرائض الوطنية ثماني عرائض، مرجعا ذلك إلى تعقيد بعض المساطر التقنية وضعف تفاعل الحكومة مع مخرجات هذه الآليات، كما هو الحال في عريضة مجانية العلاج لمرضى السرطان التي لم تحقق الأثر المنتظر.

أما على مستوى الملتمسات، فأشار جخا إلى غياب مبادرات ناجحة، سواء المتعلقة بإحداث هيئة المهن التمريضية أو بملتمس قانون الجبل، في حين بدت المشاركة المحلية أكثر دينامية، حيث بلغ عدد العرائض المقدمة للجماعات الترابية حوالي 482 عريضة، تركز معظمها على المجالس المحلية، ما يعكس حيوية العمل الجمعوي على المستوى القاعدي.

وشدد المتحدث على أن آليات الحوار والتشاور العمومي، المنصوص عليها في الفصلين 13 و139 من الدستور، لا تزال في حاجة إلى تقييم شامل، خاصة في ظل الولاية الانتدابية الثانية للجهوية المتقدمة.

ودعا في هذا الإطار إلى وضع نصوص تطبيقية واضحة لتنظيم الهيئات الاستشارية، مثل هيئة تكافؤ الفرص والنوع الاجتماعي، وهيئات الشباب والاقتصاد، بما يضمن استقلاليتها ونجاعتها، ويجنبها الطابع الشكلي.كما أبرز جخا أهمية تفعيل مؤسسات الحكامة الأخرى، وعلى رأسها المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، المنصوص عليه في الفصلين 33 و170 من الدستور، باعتباره آلية مركزية لإدماج الشباب في الفعل المدني والسياسي.

وختم الفاعل المدني تصريحه بالتأكيد على أن مسار الديمقراطية التشاركية حقق تقدما ملموسا على مستوى التشريع، غير أن التحدي الحقيقي يظل رهينا بحسن التنزيل الميداني، وتعزيز تفاعل الحكومة والمجالس المنتخبة، ودعم قدرات المجتمع المدني عبر برامج تكوين مستدامة، تضمن مشاركة مواطِنة فعالة ومؤثرة في صناعة القرار العمومي.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى