لم تكن الجريمة التي هزت مدينة آسفي قبل أيام، والتي راحَ ضحيتها شاب في مقتبل العمر، بالخبر الجديد، ولكنها أعادت إحياء الفزع والقيل والقال وسؤال التهميش في مدينة صغيرة كآسفي.
ويتحدث الكثيرون من الجيل الثالث، عن جرائم متسلسلة وفظيعة سبقَ ووقعت فوق تراب هذه المدينة، أو مدن أخرى تتقاسم مع آسفي التهميش وانعدام المرافق ووصفات التنمية المعطوبة التي وعد بها كل الولاة والعمال الذين تعاقبوا على آسفي دون أن يحققوا أي شيء للمدينة وسكانها.
عندما نزل كوموندو أمني مسلح في ساحة “لافيسون” عام 2011 لإلقاء القبض على المتهم الرئيسي في تفجير مقهى أركانة بمراكش، اثار انتباه الكثيرين بما في ذلك وسائل الإعلام العالمية، المكان الجغرافي الذي ينتمي إليه المتهم، ويتعلق الأمر بالمنطقة التي كان يعيش فيها عادل العثماني، منفذ ذلك الهجوم، أي جنوب آسفي حيث التهميش وانعدام المرافق العمومية والصحية.
في”داربوعودة” أو “جنوب آسفي” عموما حيث كان يعيش عادل العثماني، لاشيء غير التهميش وغاب قانون الدولة، ومعه دورها في توفير دور الشباب والمسارح، والمرافق العمومية والاجتماعية ويُقابل ذلك الكثافة السكنية، ونسبة الأمية والانقطاع عن التمدرس وانتشار “القرقوبي” والمخدرات ما يساعد في تخريج أفواج من المجرمين وقطاع الطرق، أما بقية الناجين، من المتعلمين والموظفين والشباب المبدع، فهؤلاء يشكلون الاستثناء.
هذه المنطقة ذاتها، شهدت أول أيام الدخول المدرسي بعد عيد الفطر جريمة قتل أمام ثانوية الهداية الإسلامية، إذ قتل تلميذ رفيقه موجهًا له عدة طعنات.
وفي الموقع الذي توجد فيه هذه الثانوية، تمتد سلسلة طويلة من البنايات العشوائية التي نمت كالفطر أمام أنظار الولاة والعمال ورؤساء الدوائر الذين تعاقبوا على المنطقة، وخرجوا بأرصدة سمينة كما يُقال هنا، وهذه المناطق هي مناطق معزولة تماما عن آسفي الوسط، لها أسواقها الخاصة، فحتى أصحاب سيارات الأجرة في المدينة يترددون حينما يطلب الزبون نقله إلى “الكاوكي”.
المجرم لم يكتفي فقط بقتل ضحيته، وإنما قام بالتنكيل بحثته داخل سيارة الإسعاف، حسب ما أفاده شهود عيان في تصريحات متباينة تشير إلى أن المتهم قام بالتنكيل بالجثة داخل سيارة الإسعاف وشوهها باستخدام سكين كبير.
جريمة آسفي البشعة
من جهته، كشفَ محامي عائلة الضحية، عبد اللطيف حجيب، والذي سبق وشغل مهمة نائب وكيل الملك، أن الجريمة التي هزت مدينة آسفي واثارت جدلا على المستوى الوطني، كانت جريمة كاملة الأركان وبشعة، إذ ذكر أنه كدفاع طالب بتوجيه تهم القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد للمتهم، رفقة زميلين له ساهموا في الجريمة.
وأثار المحامي بهيئة آسفي أن النيابة العامة وجهت لبعض المتهمين في القضية تهم الضرب والجرح، مشيرا الى أن ذلك لا يستقيم باعتبارهما كانا مساهمان رئيسيان في عملية القتل.
وقال المحامي إن محضر الشرطة يُشير إلى أنه جرى تصفيد المتهم قبل صعوده سيارة الاسعاف ورافقة شرطي وعنصر من الوقاية المدنية، وفور وصول المتهم إلى المستشفى، قام برفس جثة الهالك أمام أنظار رجال الشرطة.
وحول توجيه تهمة التنكيل بالجثة، قال المحامي إن القانون الجنائي يعتبرها جنحة عقوبتها من سنتين إلى خمس سنوات، فيما التهمة التي يتوجب توجيهها للقاتل هي التعذيب إضافة للقتل، وذكر أن النيابة العامة وجهت تهمة أخرى للقاتل، تتعلق بالضرب والجرح لإمرأة من اقرباء الهالك، فيما يطالب دفاع الضحية بتوجيه تهمة ثانية تتعلق بمحاولة القتل، قائلا: “لو لم تهرب هذه السيدة رفقة سيدة أخرى وغلقوا باب أحد المتاجر عليهن، لكان مصيرهن نفس مصير الضحية”.
We Love Cricket