جمال الحداوي الخميسات يكتب قصة طفل المركز التجاري الغير مرغوب فيه،،،
ارغمت على التبضع في منتصف النهار رغم الحرارة اامفرطة التي كانت موجودة ذلك النهار فقد نفذ الحليب منزوع الدسم كما نفذت العديد من المواد الغذائية عجيب أمر الناس هذا اليوم كلهم اصروا على التبضع في هذا الوقت ومن يدري؟ لعل الحاجة الملحة ارغمتهم على ذلك كما ارغمتني،، دخلت المتجر على عجل ومددت يدي هنا وهناك دون كبير عناء ثم وضعت مستلزماتي في العربة المخصصة لذلك وانا اتقدم نحو المكان المخصص للأداء لفت نظري طفل في سن الثامنة من العمر تقريبا في مثل عمر حفيدي اياد كان الطفل يرتدي فميصا رياضيا مبللا بالعرق وسروالا قصيرا كما كان حافي القدمين وكان يحمل في يديه علبة مناديل خاصة بالسيارات وثلاث علب صغيرة خاصة بمناديل الجيب اقتربت منه وضممته الى جانبي حتى شعر بالأمان فقلت له ممازحا،،
بضاعتك قليلة اليوم يا صاحبي
فاجاب،، لأني لا املك نقودا كثيرة يا عمي
فقلت له،، كل شيء على حسابي، ولكن اخبرتي كيف وصلت إلى المركز التجاري
فقال،، لقد جئت من احدى القرى المجاورة والدي يشتغل في البناء هنا في المدينة، ووالدتي بقيت في القرية لأنها مريضة
فقلت له خذ ماشئت من حلويات على حسابي من فضلك
فمد يده الصغيرة البريئة نحو علكة واحدة وقال،، هذه ياعمي تكفيني
لكن بدي امتدت بسرعة الي العيديد من انواع الحلويات فقلت كل هاته الحلويات لك
فقال،، السيد المكلف في المكان المخصص للأداء كان في كل لحظة يقول لي ارجع الى الوراء حتى انهي العمل مع الاشخاص الذين لديهم بضاعة كثيرة
فقلت له انت وانا لدينا بضاعة كثيرة وسوف ندفع ثمن بضاعتنا إما نقدا او بواسطة بطاقة الأداء فابتسم وقال بعدما شعر بالأمان
خالتي تلك التي تضع كمامة على وجهها عندما اقتربت منها ربما خافت مني على نفسهاوعلى ابنها فجذبته بالقرب منها
فقلت كمن لا يهتم بالخوف المبالغ فيه من وباء كرونا بعد أن زال عنا خطر الجائحة، الحمد لله والشكر لله الذي اذهب عنا الحزن،،،
تقدمنا نحو المستخدم بهدوء وضعت بطاقة الإتمان في المطراف ثم ضغطت على الأزرار كالمعتاد فقال الفتى في همس وهو يضع يده البريئة الطاهرة النقية في جيب سروال الخلفي القصير عمي،عندي بعض الدراهم
فقلت،، احتفظ بها لقد اتفقنا بان كل ما يلزمك اليوم من مشتريات هو على حسابي واصفت هل اشتري لك نعلا صيفيا فرد علي
لا ياعمي صندلتي عند صاحبي عبد السلام خارج بيم مخلاوهش يدخل راه برا كيتسناني
وأنا على عتبة باب المركز التجاري اودعه واعده بلقاء قربب انشاء الله وهو يدعو لي قائلا الله احفظ اعمي
تذكرت فلذتي كبدي اياد وساجي وانا اقول مع نفسي لا خير فينا اذا لم نعتبر مثل هؤلاء الصبيان فلذات كبدنا فمن احب الناس احبه الله،،، وفي تلك اللحظة بالضبظ تذكرت خاطرة ادبية للأديب العربي جبران خليل جبران تتحدث عن صبي دفعته ظروف الفقر الى القدوم من البادية الى المدينة لبيع الزهور من اجل مساعدة والدته المريضة
كثيرة هي،الأمور التي تبدو لنا عادية ونحن نشاهد طفلا يبيع مناديل ورقية او ما شابه ذلك على جانب الطريق، ولكن لو كلفنا اتفسنا بوضع سؤال بسيط لوجدنا وراء هذا العمل معاناة كثيرة لا يعلمها إلا الله ولعل هذا ما حدث للروائي الفلسظيني الراحل الشهيد غسان كنفاني والذي كان يعاتب طفلا فلسطينيا اسمه حامد كان يغلبه النعاس في احد الفصول الدراسية في مخيم للاجئين الفلسطينيين في الاردن ولما سأل الاستاذ التلميذ عن سبب النوم داخل خيمة الدرس تبين لغسان كنفاني ان حامد يشتغل امام باب السينما يبيع العلكة والماديل الورقية وبعد انتهاء هذا عمل ينتقل بعربته المدفوعة يدويا الى محطة القطار لنقل بضاعة المسافرين مقابل قروش معدودة فاكتشف الأستاذ ان حامد الطفل يشتغل كثيرا وينام قليلا من اجل مساعدة والده المريض واسرته الفقيرة ومع ذلك يحضر حصصه الدراسية
ان مثل هذه الحالات والوقائع هي التي دفعت ادباء وشعراء فلسطين المحتلة الى القول في فلسطين المحتلة يولد الاطفال رجلا فكيف بالرجال،،، ولعل ما قيل في فلسطين يقال مثله في كل الدول الفقيرة والمكافخة لأن المعاناة واخدة
جمال الحداوي الخميسات