
اليقين / نجوى القاسمي
في زمنٍ تتغير فيه موازين القوة الرقمية أسرع من أي وقت مضى، لم تعد الشوارع وحدها مسرحا للاحتجاج، بل تحولت المنصات الافتراضية إلى فضاءات بديلة للتنظيم والتعبئة وصياغة القرار الجماعي. جيل “زد” الذي تربى في كنف الهواتف الذكية والإنترنت، وجد لنفسه مكانا بعيدا عن أعين الرقابة الأسرية والسياسية، حيث تذوب الفوارق بين الخاص والعام، وتولد هويات افتراضية أكثر جرأة واستقلالية
وفي هذا السياق، يؤكد حسن خرجوج، الخبير في الأمن الرقمي، في تصريح خص به جريدة اليقين، أن اختيار شباب جيل زد” لمنصة “ديسكورد” لم يكن صدفة، بل نتيجة وعي متزايد بحاجة إلى فضاء آمن ومنغلق. ويوضح قائلا:
“المنصة تمنحهم إحساسا بالخصوصية، فالولوج إلى خوادمها يتم فقط عبر روابط خاصة، ما يجعلها محصورة في دائرة المهتمين. على عكس فيسبوك أو إنستغرام أو تيك توك، حيث تتحكم الخوارزميات في حركة المحتوى وتتبع سلوك المستخدمين”.
ويضيف خرجوج أن ما يجذب هذا الجيل إلى “ديسكورد” هو كونها تجمع عدة أدوات في فضاء واحد: محادثات نصية، مكالمات صوتية ومرئية، تبادل الروابط، وحتى التصويت الجماعي، مما يجعلها مناسبة لتنظيم النقاشات واتخاذ القرارات.
أما عن الفارق الذهني بين الأجيال، فيقول الخبير: الأمر لا يرتبط بجيل جديد أو قديم، بل بسرعة التفكير وطريقة التفاعل مع العالم الرقمي.
اليوم نجد مراهقا في الخامسة عشرة يفكر بطريقة أسرع وأعمق من شخص في الخمسين، وهذا ألاحظه عن قرب بحكم تدريسي لهذه الفئة. بل إن معرفتي الأولى بمنصة ديسكورد جاءت عبر أحد تلامذتي قبل عامين
هكذا، تكشف تجربة جيل زد في الاحتجاج والتنظيم الرقمي عن هوة واسعة بين الأطر الحزبية والنقابية التقليدية وبين فئة شبابية تعيد تعريف السياسة خارج المؤسسات، وبأدوات رقمية خالصة.