
اليقين/ نجوى القاسمي
رغم المصادقة الحكومية على الزيادة بنسبة 5% في الحد الأدنى القانوني للأجر، يظل السؤال الجوهري مطروحا بإلحاح: هل ما زال “السميك” قادرا فعلا على ضمان عيش كريم للمواطن المغربي في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية؟
قرار صادق عليه المجلس الحكومي برئاسة عزيز أخنوش واعتُبر امتدادا لمنهجية الحوار الاجتماعي وتنفيذا لالتزامات سابقة، غير أن ترحيب الخطاب الرسمي لا يخفي واقعا اجتماعيا أكثر تعقيدا، عنوانه تآكل القدرة الشرائية واتساع الفجوة بين الأجور وكلفة المعيشة.
فالزيادة المعلنة، وإن حملت بعدا رمزيا وسياسيا، تبدو محدودة الأثر أمام موجة غلاء غير مسبوقة مست أسعار المواد الغذائية الأساسية، من خضر ولحوم وحبوب، إضافة إلى تكاليف السكن والنقل والطاقة.
وهو ما يطرح تساؤلا مشروعا حول جدوى السميك نفسه كأداة للحماية الاجتماعية، إذا كان الأجر الأدنى لا يواكب الحد الأدنى للعيش الكريم.
هل يمكن اعتبار زيادة دراهم معدودة شهريا كافية لتعويض الارتفاع اليومي في الأسعار؟وهل ينسجم مفهوم الدولة الاجتماعية مع واقع شغيلة تشتغل بدوام كامل، ومع ذلك تعجز عن تلبية حاجياتها الأساسية دون اللجوء إلى الاقتراض أو العمل الهش ثم إن الإشكال لا يقتصر على القيمة الإسمية للأجر، بل يمتد إلى غياب ربط حقيقي بين الأجور ومؤشر الأسعار بما يجعل كل زيادة في السميك عرضة للتبخر السريع أمام تضخم صامت لكنه مستمر.
فالسؤال اليوم لم يعد هل تمت الزيادة؟ بل ما قيمتها الفعلية داخل السوق؟ كما يطرح القرار تساؤلات حول العدالة الأجرية بين القطاعات، وحول أوضاع فئات واسعة من العاملين في القطاع غير المهيكل، الذين لا يشملهم السميك أصلا ولا تصلهم ثمار الحوار الاجتماعي، رغم أنهم الأكثر تضررا من الغلاء.
وفي هذا السياق، يبدو أن الرهان الحقيقي لا يكمن فقط في الزيادات الدورية، بل في مقاربة شمولية تعيد النظر في منظومة الأجور، وتربط الحد الأدنى للأجر بسلة معيشية حقيقية، وتواكب ذلك بسياسات صارمة لضبط الأسعار ومحاربة المضاربات، حتى لا يتحول السميك إلى رقم قانوني بلا مضمون اجتماعي.
أمام هذا الواقع، يظل السؤال مفتوحا هل نحتاج إلى رفع السميك فقط، أم إلى إعادة تعريفه بما يضمن للمواطن المغربي حياة عادلة تحفظ كرامته؟
We Love Cricket



