أدب و فنمنتدى القراء

خطاب المقدمة بين مٶيد ومعارض

لقد استاترت الدراسات النقدية الحديثة بالبحت والتمحيص في خطاب المقدمة وتنوعه وتشكله ووظاٸفه حتی،باعتبار هذا الخطاب اكثر تداولا في العديد من الاجناس الادبية،ويعد خطابا افتتاحيا لا مناص عنه سواء تعلق الامر بالسرد او التاريخ وحتی الخطابات الفلسفية،مما جعله حقلا يحظی باهتمام الدراسات النقدية المعاصرة بكونه يفتح عوالم وافاق نحو البحت والتحليل.
تعتبر المقدمات من بين انواع النصوص الافتتاحية التي ترمي الی انتاج خطاب علی مشارف النص الذي تسبقه فهي بمتابة خريطة طريق لطبيعة العمل الذي انجز او كتب بالاضافة الی الظروف والسياقات المحيطة به وعوالم تشكله،وتعد المقدمات خطابات تصديرية او تقديمية لطبيعة الابداع او الاثر الادبي،وبالتالي تبقی المقدمات فضاء متسع وارحب لكي يعبر المٶلف من خلالها عن عمله وتوضيح اراٸه وتصوراته حول المنجز،ومن هنا تظل المقدمات عتبات اساسية تحملنا الی فضاء المتن المركزي،فالمقدمة تظل ذالك الوعاء المعرفي والايديولوجي الذي يمرر من خلاله المٶلف مواقفه ورٶيته للعالم والوجود والقضايا،وبهذا تبقی المقدمة ذالك الفضاء الفسيح الذي يمكن من خلاله ان يشرح ويفسر ويعبر ويعلق المٶلف عن رٶاه هذا ماحدی بمجموعة من النقاذ باعتبار الكتاب الذي لايضم مقدمة ليس بكتاب ويعتبر ماريفو من انصار هذا الطرح لذالك احتلت المقدمات دورا اساسيا في الاساطير اليونانية واعتبرت عرفا لا محيد عنه بكونها تقدم مجمل العمل وتبوصله،فالمقدمة تجعلك امام الجزء بطريقة اسهل وايسر واكمل لذالك فقد تكلفك المقدمة ما لا يكلفه لك كتابة العمل،لكن هذا السياق يضعنا امام سٶال جوهري مفاذه الا يمكن للمقدمة ان تصادر حرية القراءة وتلزم القاريء بتبني حكم مسبق عن العمل؟
من منطلقات نظرية التلقي وذكاء القارٸ واعادة انتاج النص وتصورات التاويلية فان لكل قاريء تفسيره الخاص للعمل من منطلقات متعددة تتقاطع فيها مجموعة من المحددات والتراكمات،نهيك عن التحرر من سطوة المقدمة من خلال مخالفتها ومعارضتها ومساٸلتها،لكن تمة من يری علی النقيض من هذا الطرح باعتبار المقدمة حرق ومفسدة للعمل الابداعي بل تفقده نشوته ومٶانسته وامتاعه،فالمكان الارحب لتقديم العمل ثناياه وعوالمه بدل حرق المسافات وجعل العمل مختصرا في المقدمة ويعد فلوبير وجيرار جونيط من ابرز المناصرين لهذا الطرح.
فمن خلال هذا وذاك تبقی المقدمة تقليد قديم داب عليه السلف وتبعه الخلف باعتباره ذالك الباب الذي يطل به ومن خلاله المبدع علی المتلقي لكي يقدم مسحا شاملا عن الكتاب وابوابه وفصوله،ولايمكن لاي مبدع ان يحيد عن المقدمة باعتبارها ذالك التصدير التقليدي لاي كتاب او منجز حتی ولو تعلق الامر بجملة او كلمة معبرة وفاتحة لعوالم وافاق متعددة.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى