عبد العزيز اقباب
لعل كل ذي (مشقوف) هاتف ذكي، يتصفح مواقع التواصل الإجتماعي قد وقف على صيت وصدى الاستعداد والتنظيم والتحضير والتهليل والدعاية والدعوة إلى الإحتفال بيوم وطني حديث التقرير، يوم عطلة مؤدى عنها، ألا وهو رأس السنة الأمازيغية 2975.
ⴰⵙⴳⴳⵯⴰⵙ ⴰⵎⴰⵢⵏⵓ ⵉⵖⵓⴷⴰⵏ ⵉ ⵎⴰⵔⵔⴰ ⵉⵎⵖⵔⴰⴱⵉⵢⵏ ⴷ ⵉⵎⴰⵣⵉⵖⵏ ⵎⴰⵏⵉ ⴳ ⴰⴽⴽⵯ ⵍⵍⴰⵏ
سنة أمازيغية سعيدة لكل المغاربة والأمازيغ أينما وجدوا.
بالطبع لم يكن الإحتفال برأس السنة الأمازيغية وليد اليوم أو السنة الأخيرة، فرغم بقاء الاحتفالات لسنين عديدة حبيسة الدواوير والمدن ذوات الصبغة الأمازيغية الأصيلة والمتفردة، وردهات الجامعات والثانويات بين مكونات الحركة الأمازيغية الطلابية والتلاميذية، واللقاءات التي تشرف عليها جمعيات أمازيغية حقوقية ومدنية، إلا أن الدولة المغربية في جهاز السلطة لم يكن لها بد لرفض أو منع احتفال من هذا القبيل
فحتى السنوات الأولى لبروز الدفاع عن حقوق اللغة الأمازيغية والأمازيغ، ورغم رفض العديد من المشاريع التي كان الهدف منها الدفع بالأمازيغية إلى الأمام، لأسباب يعلمها من رفض ومن تقدم بالمشاريع المعنية كمشروع الحزب الديموقراطي الأمازيغي، اعتبارا للظروف المرحلية المتعددة والمختلفة، من الأوزان السياسية والحزبية، والتوجهات العامة للدولة، وصولا إلى غياب الوعي والجهد الفردي والجمعي لدى الكثير من الأمازيغ بمتطلبات المرحلة و أساليب العمل المثمرة.
تتم الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية طيلة أيام يناير بدءا من 11حتى آخر الشهر حسب الظروف والامكانيات المتاحة، في الهوامش أو مراكز المدن في أجواء تطبعها السلاسة والبساطة والفرح والسرور والسلمية الآمنة، والغريب في الأمر، بل المعتاد أن جل هذه الاحتفالات لا تطلب حماية أمنية مشددة أو تأرق أجهزة السلطة مقارنة بنظيراتها كرأس السنة الميلادية مثلا، فالمنظمون طالما يتحكمون في زمام أمور الإحتفال ولعل هذا جانب من جوانب استحسان الدولة لهكذا احتفال ليس بطعم أمازيغي فقط، بل بتقيده بعرف وبوعي وبحضارة أخلاقية طالما اعتبرها البعض خوفاً أو سذاجة.
ومع مرور الوقت، ودفع الأمازيغ بمتطلباتهم المشروعة بطرق أكثر من مشروعة قد تصل في حكمها إلى المستحبة أو الأكثر من مرغوبة، أدركت الدولة أن ما من بد من تصالح لم يسبقه حتى تقاطع أو خصامة بل تجاهل وفقر معرفة، مع مكون هو الأساس في بناء وتشبث الهوية والثقافة الوطنية المتنوعة، وبطبيعة الحال مايدور في ميدان الساحة السياسية والاجتماعية الوطنية يصاحبه الميلان المجتمعي بين مد وجزر من قضية أو وضعية إلى قضية أو وضعية أخرى مختلفة شكليا ومنصهرة موضوعيا في الاتجاه المجتمعي المشترك، ما يغير الاعتبارات المرحلية في كل مناسبة.
هذا الميلان المجتمعي خدم الأمازيغية ليس بشكل عام مادام لفظ ال”أمازيغي” على اسم حزب أو هيأة أو جمعية حتى يزعج البعض، لكن جزئيا في ما يتعلق بالاحتفال برأس السنة الأمازيغية موضوعنا، وهو ما مكن من بلوغ هدف لم يكن مستحيلا ولا يمكن اعتباره غريبا حتى، بتقرير جلالة الملك موحد الأمة وزعيم الشعب المغربي ليوم 14 من يناير يوم وطني ويوم عطلة مؤدى عنها، قبل عامين من الآن.
إضفاء طابع الرسمية على يوم رأس السنة الأمازيغية لم يكف أيدي أحاديي التفكير ورغبة التسلط عنه بوقف أو محاولة وقف حملات التحريم والعنصرية والتجريح فقط، بل فتح آفاقا بتعاون غير منسق له مع التغلغل الأمازيغي في المكونات السياسية التي كانت ذات زمن أكبر مصادر معاناة وتهميش اللغة الأمازيغية وناطقيها، ليس بمعناه المباشر المستهدف لكيان معين قصد التأثير فيه، بل بانبثاق الوعي السياسي المجتمعي الهوياتي الأصيل لدى عناصر من أبناء وحفدة المؤسسين الأوائل ومنهم أيضا المكونات السياسية المعنية، بمكون هام من مكونات الهوية الثقافية الوطنية بواقع اليوم المعاش.
لتحتفل بدورها برأس السنة الأمازيغية الذي كان لا يعدو كونه غير بدعة في مخيالها ذات زمن، مدركة رغم التأخر ضرورة وواقعية تدعيم القاعدة الأساس لهرم الهوية الوطنية لبناء أكثر أمان وصلابة يستمد جذوره من هوية الإنسان (أفگان)، والأرض (أكال) ولغة الإنسان والأرض (أوال)، محققة الثالوث الأمازيغي المقدس ليس لدى إيمازيغن فقط بل لدى عامة الشعوب.
فأن تعتمد المملكة مذكرات ومراسلات قطاعية تدعوا إلى الإحتفال برأس السنة الأمازيغية وتخصص ميزانيات لذلك، وفق برامج مؤشر عليها، بحضور الولاة والعمال ورئيس الحكومة بها، لا يمكن إلا أن يكون اعترافا ضمنيا، بأن سعة صدر الأمازيغية هي السبيل الوحيد لضمان استمرارية هذه الأمة بكل أطيافها المعتزة بالثقافة الوطنية والرصيد المشترك، والواعية بضرورة فرض وجودها والإيمان بالقدرات وتدعيم الأسس لبناء أكثر علوا ورقيا، في طريقها الصحيح نحو المزيد من النمو والازدهار، ولعلنا بلغنا مستوى أكثر من المتوقع وكيف لا وشعار البطولة المونديالية 2030 ” yalla vamos”، مقارعين الكبار ونحن الأعظم.
We Love Cricket