
اليقين/ نجوى القاسمي
كلما اشتدّ البرد وتعانقت قمم تيشكا مع الثلج، يعود شبح العزلة ليخيم على الجنوب الشرقي، وتتحول الطريق الوطنية رقم 9 إلى مسرح انتظار طويل، تختلط فيه معاناة المسافرين بأسئلة مؤجلة حول مصير مشروع ظل عنوانا للأمل أكثر مما كان واقعا منجزا نفق تيشكا. مشروع قدم لسنوات باعتباره مفتاح الخلاص من العزلة، لكنه ما يزال حبيس الدراسات والوعود.
في هذا السياق، عبّر رضوان جخا، فاعل مدني وباحث في السياسات العمومية في تصريح خص به موقع اليقين عن استغرابه من التأخر الكبير الذي يعرفه مشروع نفق تيشكا، رغم مرور سنوات طويلة على إنجاز دراسات تقنية وجيوفيزيائية متعددة، دون أن تلوح في الأفق مؤشرات واضحة على قرب إخراج هذا الورش الطرقي الاستراتيجي إلى حيز التنفيذ.
وأوضح جخا أن وتيرة الإنجاز الحالية لا تنسجم مع حجم الرهانات التنموية المعلقة على المشروع، خاصة إذا ما قورنت بسرعة تشييد أوراش هيكلية كبرى في مدن أخرى خلال فترات زمنية وجيزة متسائلا عن جدوى هذا الكم من الدراسات، في ظل استمرار المعاناة الميدانية لمستعملي الطريق.
وأشار إلى أن تحسين وضعية ممر تيشكا بعد توسيع المسلك الطرقي إلى حدود منطقة تدارت، منذ سنة 2015 تقريبا، وفّر نوعًا من الانفراج المؤقت، غير أن ذلك لا يعوض الحاجة الملحة إلى نفق جبلي يضمن ربطا آمنا ودائما بين ورزازات ومراكش، ويقلّص مدة السفر من أربع ساعات ونصف إلى حوالي ساعة ونصف فقط.
وأكد الفاعل المدني أن إنجاز نفق تيشكا يشكل رافعة استراتيجية للتنمية المجالية، لما سيوفره من تقليص لمخاطر الانهيارات الصخرية خلال فصل الشتاء، والفيضانات الموسمية صيفًا، فضلًا عن دوره الحاسم في الربط بين قطبين سياحيين وطنيين، وتحويل ورزازات من منطقة عبور إلى وجهة استقرار سياحي.
وكشف جخا أنه قاد، خلال السنوات الماضية، مبادرات ترافعية متعددة، شملت إعداد مذكرات قدمت إلى رئيس الحكومة الأسبق ورئيسي غرفتي البرلمان، إضافة إلى مداخلات داخل منتديات برلمانية للعدالة الاجتماعية، بحضور مسؤولين حكوميين وبرلمانيين ورؤساء جهات، للتأكيد على الأهمية الاستراتيجية لنفق تيشكا في التأهيل الترابي المندمج للجنوب الشرقي.
وشدد المتحدث على أن الأثر التنموي للمشروع سيتجاوز البعد الطرقي، ليشمل تحفيز الاستثمارات العمومية والخاصة بأقاليم ورزازات وتنغير وزاكورة، وتعزيز جاذبية مواقع تراثية وسياحية كقصر آيت بن حدو، معتبرا أن ساكنة الجنوب الشرقي تنتظر اليوم إرادة حكومية قوية تترجم الأقوال إلى أفعال، عبر تمييز إيجابي حقيقي لهذه المجالات.
وختم جخا تصريحه بالتأكيد على أن نفق تيشكا يندرج ضمن أولى لبنات ورش التأهيل الترابي الشامل، كما رسم معالمه الملك محمد السادس في خطابي العرش وافتتاح البرلمان، داعيًا إلى تكثيف المرافعة وتسريع إنجاز أوراش كبرى تعيد التوازن المجالي وتُنهي عقودا من الانتظار.
We Love Cricket




