اليقين تيفيمجتمعمنبر اليقين

زواج القاصرات ظاهرة تابى الإنقراض ،أنفكو إقليم ميدلت نموذجا

اشتهر إقليم ميدلت الذي يقع بالأطلس المتوسط بظاهرة تزويج القاصرات خصوصا بمنطقة( املشيل ،انفكو….) حيث انتشرت الظاهرة وأصبحت عادة يحتفلون بها الساكنة كل عام ،ويقومون بعرس جماعي لمجموعة من القاصرين.

تبلورت القاعدة ليعود موسم الخطوبة(موسم الاغتصاب) ينظم كل سنة، يزورونه كل بعيد وقريب من أجل أن يقتنو البضاعة(القاصرات) بثمن بخس وبدراهم معدودة.

تزويج القاصرات هي أكبر جريمة ترتكب في حق الطفلات، ارتفعت وتيرة حدوثها في السنوات الأخيرة بشكل رهيب 14ألف و70عقد زواج لقاصرات خلال سنة2021 لوحدها) رغم ما عرفته الفترة الاخيرة من ظروف اجتماعية وصحية استثنائية، عطلت العديد من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في مناحي الحياة .

طاقم جريدة اليقين انتقل إلى قرية أنفكو عمالة ميدلت بجهة درعة تافيلالت، وأنجز هذا الربورتاج.

تنحدر ايطو من الأحزمة الجبلية لجهة درعة تافيلالت انفكو، انمزي، املشيل، وما جاورها. فتاة دون السادسة عشر من عمرها ومع ذلك تُنعت بامرأة مطلقة، فعادات المنطقة تعتبر تزويج الطفلات في هذا السن او حتى اقل أمر عادي. بل تشبههن بعض الأوساط الاجتماعية بالجمرة المحرقة، والتي يجب التخلص منها في اقرب فرصة، خوفا من جلب العار. الطفلة رابحة سُرقت منها براءة الصغار قبل الآوان. عمرها الغض، بناء جسمها الفيزيولوجي الذي لم يكتمل بعد، تعابير وجهها الطفولي، حركاتها التلقائية، عدم أهليتها النفسية ولا جاهزيتها العقلية، قصورها الفكري، كل هذا لم يشفع لها. وفي لحظة زُج بها في أتون المسؤوليات ولامتاع رجل لا يعلم عقده وامراضه إلا خالقه..!! زُوجت وهي لا تدري..!! وطلقت وهي لا تدري..!!
فتحت ايطو لنا قلبها لتحكي قصتها المأساوية ودموعها تهطل،
“كان عمري 10 سنوات كنت ألعب أمام المنزل حتى أتت أمي تزغرد وتقول لي الحمد لله سنفرح بك لقد تمت خطبتك وأبوك وافق،بقيت مندهشة أنا ودميتي كنت لاأعرف ماذا تعني كلمة زواج، كنت أظن أن أبي سيقوم بإحضار لنا مفاجئة سارة للبيت. فقبل زواجي بأيام أجبرني أبي على ترك دراستي، وذلك من أجل تهيئي للزواج”.
الطفلة ايطو لم تكن تعرف شيئاً عن العلاقات الجنسية، تحكي للجريدة ” فوجئت ليلة الدخلة بزوجي وهو يجردني من ملابسي ويقبلني بوحشية وكنت غارقة في الرعب فصددته بكل قوتي، لكنه قام باغتصابي رغما عني حتى غرقت في دمائي ”.

وتضيف أنها عاشت خلال زواجها أياماً سوداء مع زوجها وأنجبت طفلة، تقول إنها جعلتها اليوم محط سخرية أمام صديقاتها، ناهيك عن النظرة الدونية لشباب ورجال المنطقة.
كيف لفتاة في هذا العمر أن تُشبع غرائز الرجل الشهوانية..!!؟
كيف لها أن تحمل جنينا في احشائها، وان تعتني به بعد الولادة، (وهي بنفسها تحتاج الى اللعب والى من يُعني بها)..!؟؟
للأسف أمثال ايطو كثيرات ويسهل ايجادهن والتحدث معهن في الأرياف كما المدن. سلسلة من القصص والحكايات لا تنتهي من المعاناة والألم. طفلات في عمر الزهور وحينما تتحدث اليهن تتيه في تصنيف اعمارهن لحجم القهر الذي أُجبرن في غفلة من الجميع على العيش فيه وهن في مقتبل العمر…!!
في المجمل القانون المغربي لا يسمح بتزويج القاصرات وتبذل الدولة مجهودات ملحوظة للحد من هذه الظاهرة في أفق القضاء عليها. لدى يلجأ عشاق هذه الزيجات الى حيل وطرق غير قانونية كقراءة الفاتحة، العقدة او (الكونطرا،) الزواج السري، او العرفي (وهي مجرد وثيقة يوقع فيها الإثنين مقابل مبلغ مالي).

حسب تصريح مجموعة من المحاميين بالجهة ،أنه بات من الضروري إلغاء المادة 20 من المدونة التي تنص بالأساس على زواج القاصرات كاستثناء بينما الفصل 19 يحدد سن الزواج في 18 سنة.
في نفس السياق، مضفين أنه لا يمكن أبدا وتحت أي مسوغ، القبول بتزويج طفلة ذات 11 أو 13 أو 15 سنة، في الوقت الذي يفترض أن تكون في مكانها الطبيعي بالمدرسة، مضيفة، أنه بالنظر للحالات التي عاينتها، فإن هذا الزواج غالبا ما يكون تحت إكراه العائلة.
وأبرزو المحاميبن أن من تداعيات هذه الظاهرة في المنطقة نجد الهدر المدرسي وارتفاع الهشاشة في صفوف النساء، وهذا كله بسبب أنه بإمكان قاضي الأسرة المكلف بالزواج، حسب المادة 20 من القانون المغربي، أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية بمُقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، وهو ما يعني أن هذه المادة، على خلاف المادة التي تحدد سن الزواج بـ 18 سنة، فتحت الباب لزواج القاصرين ما دون السن القانونية، وهي مخالفة صريحة للدستور الذي نص على سمو الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل التي نصت كون مرحلة الطفولة تنتهي بوصول الطفل إلى 18 سنة.
“وهذا الأمر، أصبح عاديا مؤخرا، و نسجل تساهلا واضحا في مسألة منح الإذن للزواج بالنسبة للقاصر الراغب في الزواج، حيث بتنا نجد أنه من بين 8 أو 10 حالات المتقدمة بطلب تزويج القاصر نجد أن القاضي يمنح الإذن ويرفض فقط طلب أو طلبين”.

حسب الاحصائيات المصرح بها من مؤسسات عمومية معتمدة، وجمعيات حقوقية تشتغل في الميدان تصل نسب هذه الزيجات الى الآلاف، ارقام تصيب بحق بالصدمة والدهول.
سنوات ايطو تسائل الجميع متى تزوجت؟ ومتى تطلقت؟ وكيف تزوجت أصلا؟
ومن يتحمل اهدار حق ايطو في الطفولة، اللعب، التعليم، حنان الوالدين، وفي اختيار الحياة التي تريد؟

تطرقنا في الربورتاج حول الأضرار التي يتعرض لها جسد الفتاة القاصر عند الزواج ومضاعفات ذلك، حملناها إلى طبيبة اختصاصية في أمراض النساء والولادة؛ الذي أكدت أن فترة البلوغ أو المراهقة التي تتم عبر مراحل وخلال مدة زمنية طويلة، تحسب بالسنين من شأنها أن تهيئ الفتاة لتحمل العلاقة الجنسية وحمل الجنين وولادته وحتى لو ظهرت علامات البلوغ من بروز الثدين وظهور الدورة الدموية وبداية اتساع الحوض، فالبنت القاصر تكون غير مهيئة للقيام بالوظائف الثلاث السالفة الذكر، فالزواج المبكر قد يعرضها لتمزق الفرج ونزيف دموي حاد وخطير خلال أول علاقة جنسية، كما يعرضها للآلام، باستطاعتها حمل الجنين ومرور حمل صعب مع ارتفاع خطر الإصابة بارتفاع الضغط خلال الحمل، أما في ما يخص فترة الوضع فالزوجة القاصر تكون معرضة لولادة عسيرة وارتفاع احتمال القيام بعملية قيصرية مع كل المضاعفات التي قد تشوبها .
وبخصوص المشاكل المفترضة بعد زواج القاصر، قالت دكتورة في أمراض النساء والولادة، أن ضيق الحوض الذي يمنع الولادة الطبيعية، هذا المشكل يمكن تجنبه في حالة اكتمال نمو عظام الفتاة، إذ يصبح حوض الفتاة أكثر اتساعا مما يسهل عملية الولادة، من جهة أخرى لاحظنا حتى ولو تمت الولادة بشكل طبيعي، فإن المخاض يكون عسيرا بالخصوص لعدم استحمال آلام الوضع من طرف البنت القاصر.
من جهة أخرى، قمنا بمعاينة بعض الحالات التي تمزق فيها الفرج بعد أول علاقة جنسية وأدت إلى نزيف دموي حاد استدعى عملية جراحية مستعجلة لإنقاذ حياة المريضات.
وحول الوضعية النفسية والسوسيولوجية، أبرزت المتحدثة أن الزواج المبكر يستأصل الفتاة من محيطها العائلي، التي هي في أمس الحاجة إليه ليكتمل نموها النفسي، إذ أن حنان الأب أو الأم لايعوضان كما أن الزواج المبكر يحرم الفتيات من الاستمتاع بفترة الطفولة التي تعد ضرورية في التركيبة النفسية للفرد، ويهدف بهن على تحمل مسؤولية الزواج في سن مبكر وتربية الأطفال مع الأخذ بعين الاعتبار أنها ما تزال تمر من سن المراهقة مع كل من ما يترتب عنه من هدر مدرسي وارتفاع حالات الطلاق.

في الختام من المهم الاشارة أن ظاهرة زواج القاصرات لا تقتصر على منطقة دون أخرى، فقد سجلت العديد من الحالات في كل انحاء المغرب خاصة جهة خريبكة بني ملال، درعة تافيلات، الحوز ومراكش، وهذا لايعني انها غير موجودة في باقي الجهات الاخرى للمملكة.
للأسف امثال ايطو كثيرات وفي تزايد…!!

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى