
اليقين/ نجوى القاسمي
رغم الدور الحيوي الذي يضطلع به قطاع الأمن الخاص في ضمان استمرارية المرافق العمومية والخاصة، ما تزال أوضاع العاملين به تعكس مفارقة صارخة بين حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهم ومستوى الحماية القانونية والاجتماعية التي يحظون بها. فآلاف حراس الأمن يشتغلون يوميا في الإدارات والمؤسسات الصحية والتربوية والمنشآت الاقتصادية، في ظل شروط مهنية توصف في كثير من الأحيان بالقاسية والهشة.
هذا الواقع أعاده إلى واجهة النقاش البرلماني المستشار خالد السطي، الذي وجه سؤالا كتابيا إلى وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، محذرا من اختلالات بنيوية باتت تطبع قطاع الأمن الخاص، وتهدد بتحويله من مجال شغل منظم إلى فضاء للاستغلال الاجتماعي والمهني.
وسلّط السؤال الضوء على معطيات ميدانية رصدتها النقابة الوطنية للشغل بالمغرب، تفيد باستمرار ممارسات تمسّ الحرية النقابية، وعدم احترام عدد من شركات الحراسة الخاصة لمقتضيات مدونة الشغل. ومن أبرز هذه الخروقات، عدم التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أو اللجوء إلى التصريح بأيام عمل وأجور تقل عن الواقع الفعلي.
كما كشف السؤال عن فرض ساعات عمل مرهقة، تصل في الغالب إلى 12 ساعة يوميًا، مقابل أجور لا تتناسب إلا مع ثماني ساعات، في خرق صريح للقانون، إلى جانب حرمان فئات واسعة من المستخدمين من حقوق أساسية، تشمل تعويضات الأقدمية، والراحة الأسبوعية، والعطل السنوية، والاستفادة من الأعياد الدينية والوطنية، فضلا عن التعويض عن الساعات الإضافية.
وانطلاقا من هذه الاختلالات، تساءل المستشار البرلماني عن الإجراءات التي تعتزم الوزارة اتخاذها لتكثيف المراقبة على شركات الأمن الخاص، وضمان احترامها لقواعد الأجور وساعات العمل والتصريح الاجتماعي. كما أثار مسألة هشاشة الشغل داخل القطاع، مطالبًا بتدابير عملية تضمن استمرارية المستخدمين عند انتقال الصفقات من شركة إلى أخرى، بما يحفظ حقوقهم المكتسبة وكرامتهم المهنية.
ولم يقف الطرح عند حدود المعالجة الظرفية، بل امتد إلى التساؤل حول مدى انخراط الوزارة في إعداد مخطط متكامل لإعادة تنظيم قطاع الأمن الخاص، عبر وضع معايير مهنية وتكوينية واضحة وملزمة، من شأنها الارتقاء بجودة الخدمات وحماية الحد الأدنى من الحقوق الاجتماعية للعاملين.
بهذا الزخم، يعيد السؤال البرلماني ملف حراس الأمن الخاص إلى صلب النقاش العمومي، باعتباره اختبارا حقيقيا لنجاعة السياسات العمومية في مجال الشغل، وقدرتها على إنصاف فئات تشتغل في الظل، وتؤدي أدوارًا أساسية دون أن تنال ما يستحقه عملها من حماية وتقدير.
We Love Cricket



