كتاب وآراء

سيدي موزع القرارات

هناك قاعدة تقول : إذا جاءك خبر غير رسمي من عدة أشخاص، فاعلم أن من وراءه أحد الهدفين، إما استطلاع آراء الناس، أو تخويفهم. في مدينتي الهادئة، انتشر هاته الأيام خبر غير رسمي مفاده عودة الحجر الصحي، وبعيدا من أن الخبر صحيح أو غير صحيح، لنطرح تساؤل :

ماذا لو طبق الحجر الصحي بالمدينة ؟ وبطريقة أصح كيف يمكن لمن أشرفوا على تسيير الظرفية إبان فترة الحجر الصحي باستراتيجيات فاشلة، فشلت فشلا ذريعا في الحفاظ على السلامة البدنية والحق في الحياة للعديد من مواطني المدينة ؟ رغم أنها توفرت لها جميع الإمكانيات وبالأخص انضباط الساكنة. إظافة للعامل الذي كان متوفرا آنذاك ولم يعد متوفرا الآن وهو اقتصاد البيت، حيث معظم البيوت كانت توفر بعض دخلها لاحتياجاتها الملحة، وقد استنفدت مذخراته في ظل الأزمة.

هل تعلمون مدى المعاناة التي ستعانيها بيوت العديد من الأسر التي عمدت ليبع مقتنيات كانت تراها مساعدة في أعباء البيت ؟في محاولة منها لمسايرة الزمن، إذا ما فرض الحجر الصحي من جديد. المعاناة لم تقتصر فقط على الفئاة الفقيرة، بل دخلت بيوت الطبقة المتوسطة وأصبح الجميع في فيه وحش كاسر إسمه غلاء الأسعار. هاته المعاناة لا يستطيع أن يحس بها من يتقاضى ملايين السنتيمات شهريا، ويهوى امتطاء سياراته الرباعية الدفع والكلاسيكية.

سيدي موزع القرارات، ما الذي قدمته وستقدمه للأطفال الذين يجوبون المقاهي ليبيعو المنادل الورقية ؟ او يمسحو الأحذية ؟ألم يكن أجدر لو كانو في المدراس ؟ أنتم فقط تستطيعون نصب السدود الطرقية، كما لو أنها ستمنع كورونا من دخول منازلنا، يالسخرية القدر. أعتقد أنه في المرة القادمة على السلطات إشراك جميع التنظيمات المدنية، والفاعلة في الشأن العام، فإنزال أي قرار يخص التدابير المتبعة في مواجهة الوباء، إما سيؤدي لإعادة نفس النموذج البئيس والذي لا يمكنه أبدا أن يعطي نتيجة، لأنها معروفة سلفا.

لم يعد الخوف من الموت جاثما على صدور الناس، منذ فتحت المساجد ولمن أراد معرفة ذلك فليسأل السادة المصلين. أتمنى أن تكون هاته الكلمات بمثابة انعكاس لنبض الشارع رغم أن الواقع أسوء بكثير، وأن تأخذه السلطات على محمل التنزيل السليم للديمقراطية التشاركية، هذا في حالة إن كان الخبر الهدف منه هو استطلاع آراء الناس، أما إذا كان الهدف هو تخويف الناس، فأنا أؤكد لك، سيدي موزع القرارات أن الجوع مخيف أكثر بكثير، كنت ستعلم إن جربته سابقا.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى