
يشهد ميناء الجزيرة الخضراء الإسباني (Port of Algeciras) منذ منتصف أكتوبر الجاري شللاً شبه كامل في حركة العبور الجمركي، مما تسبب في ارتباك كبير بعمليات تصدير الأسماك والمنتجات الطازجة المغربية إلى الأسواق الأوروبية، وفق تقرير لموقع Atalayar الإسباني نشر يوم الجمعة 25 أكتوبر 2025.
ووفقًا للمصدر ذاته، فقد حذّرت الجمعية الإسبانية لمستوردي المنتجات القابلة للتلف (AIMPA) من “اختناق تشغيلي خطير” داخل الميناء، ناتج عن نقص الموارد البشرية في الجمارك الإسبانية وتأخر اعتماد النظام الإلكتروني الأوروبي الجديد “H1”، الذي دخل حيز التنفيذ في 14 أكتوبر الجاري، ليحل محل النظام القديم الخاص بالتصاريح الموحدة.
ويهدف النظام الجديد إلى توحيد البيانات الجمركية في الاتحاد الأوروبي وتحسين كفاءة المعاملات التجارية وسلامتها، غير أنه تسبب فعليًا في تأخير معالجة التصاريح بين 24 و72 ساعة، ما أثر بشكل مباشر على سلسلة الإمداد الخاصة بالمنتجات الطازجة المغربية، خصوصًا الأسماك والفواكه والخضروات.
وأشار التقرير إلى أن شحنات الأسماك المغربية القادمة من موانئ الداخلة وآسفي وأكادير أصبحت عالقة لساعات طويلة داخل الميناء، مما أدى إلى تراجع جودة بعض المنتجات ورفض عدد من الموزعين الأوروبيين استلامها، الأمر الذي تسبب في خسائر مالية للمصدرين المغاربة وإضرار بسمعة الصادرات المغربية المعروفة بجودتها العالية.
كما لفتت AIMPA إلى أن الوضع تفاقم بسبب التدقيق المتزايد في شهادات المنشأ “EUR1”، التي لا تزال في مرحلة تجريبية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، إذ تُخضع الشحنات لمسارات “برتقالية” و“حمراء” تتطلب مراجعات وثائقية وتفتيشًا ماديًا للبضائع، ما زاد من حدة التأخير داخل الميناء.
وأوضحت الجمعية أن تطبيق النظام الجديد دون تعزيز الطاقم الجمركي بالعدد الكافي من الموظفين أدى إلى “عنق زجاجة إداري” عطّل انسيابية العمل، محذّرة من أن استمرار الوضع قد يؤدي إلى توقف شبه كلي في نقل السلع القابلة للتلف، مما سيؤثر على الاقتصاد الإقليمي والعلاقات التجارية عبر مضيق جبل طارق. كما أعلنت نيتها تقديم شكوى رسمية إلى المفوضية الأوروبية بشأن نقص الموارد البشرية والتقنية في الميناء.
من جانبها، أوضحت سلطة ميناء الجزيرة الخضراء أن المسؤولية تقع على مصلحة الجمارك الإسبانية المكلفة بتطبيق النظام الجديد، مؤكدة أنها تتابع الوضع عن قرب وتعمل على إيجاد حلول عاجلة بالتعاون مع الجهات المعنية.
ويُعد ميناء الجزيرة الخضراء أحد أكبر الموانئ المتوسطية وأكثرها نشاطًا في مجال التجارة بين أوروبا والمغرب، حيث تمر عبره يوميًا مئات الشحنات من المنتجات المغربية الطازجة.
وتأتي هذه الأزمة في وقت تشهد فيه الصادرات المغربية إلى الاتحاد الأوروبي نموًا ملحوظًا، ما يجعل أي اضطراب في هذا الممر البحري ذا تأثير مباشر على تدفق التجارة الإقليمية وصورة التكامل الاقتصادي بين ضفتي المتوسط.
ويرى مراقبون أن ما يحدث يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتحديث البنية التحتية الجمركية واللوجستية الإسبانية، لتتماشى مع الوتيرة المتصاعدة للتبادل التجاري مع المغرب، محذرين من أن استمرار التأخير في معالجة الشحنات قد يؤثر على الثقة بين الشركاء الأوروبيين والمغاربة، ويضرّ بـقطاع الصيد البحري، أحد ركائز الاقتصاد المغربي والتعاون الأورو-متوسطي.
We Love Cricket




