مقال رأي

طوفان الدم : او عندما يصبح القتل على الهوية والتنكيل باسم الدين بطولة ؟؟

شهد الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي منذ يوم 07 أكتوبر 2023 م منعطفا
دمويا خطيرا ، بانطلاق ما اسمته حركة حماس ” طوفان القدس” وهي عملية عسكرية أدت الى قتل المئات من الإسرائيليين واسر المئات كذلك ، كما تمخض
عنها رد عسكري إسرائيلي عنيف وقاس أدى الى قتل المئات من الفلسطينيين
اغلبهم من المدنيين في قطاع غزة . لكن ما تغير في معادلة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي هذه المرة هو ان البادئ بالهجوم هي حركة حماس و باقي الفصائل
الفلسطينية ولكن الخطر من ذلك هو الصور البشعة التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي وبعضها مصدره الإعلام العسكري للفصائل الفلسطينية ، هذه الصور
المروعة و المفزعة والتي تبين درجة الهمجية التي وصل اليها بعض عشاق الدم في تنكيله بجثث المدنيين اإلسرائيليين و بممارسات مهينة واللأخلاقية ضد الأطفال و النساء الذين تم اسرهم واعتبارهم رهائن ، قد يجيبنا البعض و يقول بان
إسرائيل كذلك مارست وماتزال تمارس القتل الممنهج و العربدة و قتل الأطفال والنساء الفلسطينيين بدون رحمة ولا شفقة وبطبيعة الحال ووفقا لواقع
ومشاهدات العقود الماضية فهذا الامر صحيح جدا و ملموس و متفق عليه ،
إسرائيل اذا دولة احتلال وممارساتها القمعية مدانة من قبل كل الديموقراطيين
والحقوقيين في العالم ، لكن هل من المعقول والمنطقي والأخلاقي ان تلجأ الفصائل
الفلسطينية الى أساليب الإرهاب و القمع والتنكيل لسترداد حقوقها المغتصبة ؟
اليس من المعيب و المقرف جدا ان نرى صور أطفال ونساء مدنيين إسرائيليين
يتم التنكيل بهم و تعذيبهم و التمثيل بجتثهم بدعوى ان جميع الاسرائيليين هدف مشروع ؟؟ الى يفقد النضال الفلسطيني تعاطفه الدولي ، من كل شرفاء واحرار
العالم بفعل هذه الممارسات الهمجية المشينة والتي تعطي الذريعة للقوى اليمينية المتطرفة في إسرائيل و في العالم للمزيد من سفك دماء الأبرياء من الأطفال والنساء الفلسطينيين الذين يؤدون فاتورة إنسانية فادحة بفعل تخطيط سياسي
وعسكري لفصائل فلسطينية قد يكون قرارها بيدها دائما ؟؟.
اذا كانت مقاومة الإحتلال أي احتلال في العالم مشروعة وفق مواثيق الأمم المتحدة و القوانين الدولية ، لأن اختيار أساليب المقاومة وإعطاء الأولوية
لمصالح الشعوب و عدم الزج بها في مغامرات دموية بفعل قرارات سياسية لم يستشروا فيها أخطاء فادحة بل هي من صنف الكبائر السياسية باللغة الدينية ،
تذكروا جيدا الأخطاء القاتلة التي قام بها السادات في حرب 1973 م ضدا على راي قيادة اركان جيشه عندما قرر الزج بالمدرعات والدبابات في اليوم الثالث
من المعركة ضد إسرائيل في صحراء سيناء وادى الأمر الى مذبحة رهيبة في حق الجيش المصري !! تذكروا جيدا الحربين الطاحنتين التي قاما بهما الراحل
صدام حسين بسبب “مزاجية الزعيم ” ضد ايران في 1980 و ضد الكويت سنة
1991 والتي أدى الشعب العراقي ومايزال يؤدي ثمنهما الباهض الى اليوم..
ان ما نعاينه اليوم من فرح “عربي –إسلامي” وانتشاء بالدماء الاسرائيلية و عدد القتلى الإسرائيليين يطرح اكثر من علامات استفهام حول نفسية و عقلية
هذا المواطن ” العربي –الإسلامي ” المقهور المسلوب الإرادة والمظلوم لكنه في نفس الوقت الذي يحب الظلم و الإرهاب و الدماء اذا ما سالت من الجانب
الآخر المختلف معه دينيا و ثقافيا .. كم من العقليات الداعشية التي تسكننا بل تتساكن معنا وتتوارى عن الأنظار تقية للأسف الشديد !! كم يلزم العالم الحر
من مجهودات لنشر ثقافة السلام والتسامح و قبول الآخر المختلف دينيا وثقافيا ولغويا … ينتشر الإرهاب الأعمى في العالم لأن الدول الغربية أساسا تشجع
الأنظمة الاستبدادية و تتسامح معها ولا تبذل أي جهد لتشجيع شعوب العالم للمضي في طريق الحداثة والديموقراطية وحقوق الإنسان و هذه القيم لو تم
تشجيعها دوليا كما تشجع الأنظمة التسلطية لقل الإرهاب في العالم ولما رأينا ملايين الناس تحتفل بالدماء و تتبرك ببطولات ملطخة بالدماء .
ان مسؤولية الغرب ليس بمعناه الجغرافي ولكن بمعناه الثقافي مسؤولية كبيرة في ما ال اليه العالم من دمار و قتل و تراجع لحقوق االنسان ، فعلى سبيل المثال
الم يترك الشعب الفلسطيني فريسة للفقر و الظلم و التهميش حتى ارتمى في
أحضان قوى إقليمية تتلاعب بمصيره الى يومنا هذا ؟ لو تم الضغط الجدي على إسرائيل من قبل المنظومة الدولية المكن اجتراح حل دائم ونهائي للقضية
الفلسطينية يتعايش فيه الإسرائيليون والفلسطينيون في امن وسلام ، لكن تركت المنطقة واهملت شعوبها و النتيجة هي الدماء التي تسيل و الأرواح التي تزهق
وامكانية تحقيق السلام التي باتت صعبة وشائكة، يذكرنا نفس الأمر بالإهمال
والانكار الذي تعرض له الشعب العراقي من قبل النظام الغربي اثناء انتفاضته الشعبانية سنة 1991م و التي اعقبها مجازر رهيبة في حق العراقيين من قبل
نظام صدام حسين ، فارتمى العراقيون مجبرين في احضان ايران و القاعدة ..
الم يخن الغرب قيمه ومبادئه عندما اهمل الشعب السوري و تركه يواجه مصيره
امام بشار الكيمياوي الذي قتل من الشعب السوري في سنة ما لم تقتله اسرائيل
منذ قيامها ؟
يجب ان يكون طوفان الدم الذي يجتاح إسرائيل وفلسطين اليوم ، لحظة لتقييم
السياسات الغربية الخاطئة التي تركت الشعوب المقهورة المظلومة فريسة الأنظمة
التسلطية ورهينة لدى تيارات دينية تستغل فقر الشعوب والظلم الممارس عليها
لتقوية نفوذها و اذكاء روح الحقد و الضغينة بين الشعوب والثقافات والديانات !!
ايقضوا العالم الحر من اجل إيقاف طوفان الدم و الحروب التي تمزق أشلاء المجتمعات والشروع في إصلاحات جوهرية تهم سياسات العالم و تعيد ترتيب
البيت العالمي الذي يتأكل بنيانه يوما بعد يوم بفعل اهمال الشعوب وهدر حقوقها.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى