
اليقين/ نجوى القاسمي
في ظل الواقع الاجتماعي المتغير يبرز جيل المتقاعدين وجيل Z كرمز لخيبة الأمل الجماعية، حيث يواجه الأول معاشات هزيلة بعد سنوات من الخدمة، فيما يجد الثاني نفسه أمام آفاق محدودة في التعليم والعمل والصحة.
هذه العلاقة الجدلية بين الأجيال ليست مجرد قضية ، بل تعكس واقعا ملموسا يوضح الانقسامات الاجتماعية والتحديات الكبرى التي تواجه المجتمع المغربي اليوم.
وأكد عبد العزيز رجاء، الرئيس المؤسس لهيئة المتقاعدين المدنيين بالمغرب، في خلال حديثه لجريدة اليقين أن المتقاعدين يعانون من تراكم الإهمال والتهميش بعد عقود من العمل الدؤوب، مشيرا إلى أن الماضي لم ينصف، والمستقبل لم يمنح”، مضيفا أن هذا الواقع يجعل جيل Z يواجه مصيرا مشابها، حيث يفتقر إلى العدالة الاجتماعية وفرص الانطلاق في الحياة العملية.
وأشار رجاء إلى أن المعاناة اليومية للمتقاعدين تتجلى في معاشات مجمدة منذ أكثر من 27 سنة في القطاع العام، وزيادات هزيلة في القطاع الخاص، إلى جانب تكاليف علاج باهظة مقابل تغطية صحية محدودة، واستمرار مسؤولية الإنفاق على الأبناء رغم انتهاء الدعم الرسمي عند سن 21 عاما.
كما أبرز تهميش المتقاعدين وإقصائهم من الحياة العامة، على الرغم من تراكم خبراتهم وتجاربهم العملية.
وفي المقابل، يواجه جيل Z الواقع نفسه من خلال بطالة خانقة حتى بين حاملي الشهادات العليا، ومدرسة عمومية ضعيفة تحولت إلى حقل تجارب لبرامج فاشلة، مقابل تعليم خصوصي باهظ الثمن.
وأضاف رجاء أن انسداد الأفق وتفشي المحسوبية بدل الكفاءة، بالإضافة إلى حلم الهجرة الجماعية كحل أخير للهروب من الإحباط، يزيد من تفاقم الأزمة بين الأجيال”
وعن البرامج الحكومية التي تستهدف الشباب، اعتبر رجاء أنها لم تحقق الغايات المنشودة، فبرامج مثل إدماج وتأهيل ومقاولتي وأحدثها أوراش وفرصة لم توفر حلولًا حقيقية، بل عمقت إحباط الشباب وأثقلت كاهل المتقاعدين الذين يضطرون لدعم أبنائهم مادياً رغم ضعف معاشاتهم.
وأشار رجاء أيضا إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي كبديل للوساطة التقليدية، حيث وجد الشباب والمتقاعدون فيه مساحة للتعبئة والتعبير عن مطالبهم المشروعة، معتبرا أن الهاشتاغ أصبح أكثر تأثيرا من البيانات الحزبية وأصدق من أي خطاب رسمي في إشارة إلى فقدان الثقة في المؤسسات التقليدية.
وحول دور الدولة والأحزاب، شدد رجاء على أن الحلول الترقيعية، مثل الزيادات الطفيفة في المعاشات أو الإعفاءات الضريبية المحدودة، لم تؤد إلى أي أثر ملموس بينما فقدت الأحزاب مصداقيتها أمام الجيلين، إذ يرى المتقاعدون أنها تخلت عنهم، فيما يعتبر الشباب أنها عاجزة عن تمثيل طموحاتهم.
وختم عبد العزيز رجاء تصريحه بالتأكيد على وحدة المصير بين الأجيال، مشددا على أن “جيل المتقاعدين وجيل Z هما وجهان لعملة واحدة؛ الأول ضحية عقود من التضحيات التي لم تقدر، والثاني ضحية سياسات عمومية فاشلة لم تمنحه فرصة للانطلاق.