جهات

عُمال النظافة.. كسرة خبز بطعم الوصم الاجتماعي والأمراض

مريم ركن الدين

لا يجمع بين فئات الطبقة الشغيلة سوى الفاتح من ماي، أما من حيث الظروف والإكراهات فهي تختلف عدد الحصى والنجوم. ولعل فئة من أكثر المهنيين تضرراً من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، عُمال النظافة الذين بالإضافة إلى هزالة الأجور التي لا تغني ولا تُسمن، يشتغلون في ظروف غير صحية في مواجهة الوصم والتجاهل الرسمي.

وخلال فعاليات عيد الشغل، أمس الخميس فاتح ماي، قرر عمال النظافة حمل أوجاعهم إلى الشارع، تارة ضمن تكتل نقابي مع باقي الشغيلة، وتارة أخرى في مسيرات فئوية، على غرار تلك التي شهدتها شوارع العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء.

“المخيّر فهاد عمال النظافة كيدخل لولادو المرض”، بهذه العبارة المفجوعة تحدث بوحمدي عبد الإله، نائب الكاتب العام لنقابة عمال النظافة بالعاصمة الاقتصادية لصحيفة “مدار21″، في إشارة للظروف الصحية المزرية التي تشتغل فيها هذه الفئة؛ ذلك أن الاحتكاك بالنفايات والأزبال يُعرضها للكثير من التعفنات والأمراض القابلة أحيانا للانتقال بالعدوى إلى ذويهم ومحيطهم الاجتماعي.

“غاب المسؤول شهوراً فلم نشعر بغيابه، وغاب عامل النظافة يومين فأدركنا من يستحق الاحترام والتقدير”؛ مقولة شهيرة يُجهَل صاحبها لكنها تصف بدقة متناهية الأهمية التي يضطلع بها هؤلاء العمال، وقد أبانت إضرابات سابقة خاضوها عن مدى صوابها، بحيث غرقت المدن المغربية في أكوام من النفايات.

و”مع ذلك فإن مطالبنا بسيطة” يؤكد بوحمدي، مضيفاً: “شغيلة النظافة مقهورة، ومطالبنا تقتصر أولا على ترسيم العمال، وحفظ كرامتهم، وتحسين أجورنا الهزيلة”، مشيراً إلى أن المغرب مقبل على استحقاقات عالمية، وأن النظافة ستلعب دوراً حاسماً في ترويج صورة إيجابية عن البلاد أثناء استضافتها للمونديال وكأس إفريقيا المقبلة.

ومن المعلوم أن المغرب يراهن كثيراً على كأس إفريقيا 2026، ولا سيما مونديال 2030 لزيادة إشعاعه السياحي، ليس فقط خلال فترة التنظيم، بل بعدها لزيادة إقبال السياح الأجانب على الوجهة المغربية وتكريس مكانتها كأول وجهة إفريقية.

وبعيداً عن مدينة الدار البيضاء، عرفت مدينة بني ملال بدورها مشاركة واسعة لعمال النظافة في التظاهرات العمالية التي نظمتها النقابات بالمدينة، ورُفعت خلالها شعارات قوية ضد غلاء الأسعار و”ضرب القدرة الشرائية” و”تقزيم الحقوق النقابية” للعمال من خلال قانون الإضراب.

وصرح أحد المشاركين خلال إحدى هذه المسيرات لميكروفون “مدار21″، بما مفاده أن أجرة عامل النظافة هزيلة، و”معظم المنتمين لهذه المهنة يشكون من تراكم الديون”؛ مؤكداً “وحدهم المواطنون يتعاطفون معنا، نحنُ فئة مستضعفة، ولذلك فالحكومة لا تلتفت إلينا على الإطلاق وحتى المجالس المنتخبة تتلكأ في تنفيذ الاتفاقيات المبرمة معنا”.

وجدير بالذكر أن عمال النظافة في المغرب موزعون بين القطاعين الخاص والعام، إذ تضطلع شركات بتدبير خدمات النظافة في المدن الكبرى، كالعاصمة الرباط، والدار البيضاء، ومراكش، وطنجة، وفاس، وأكادير.

بينما تعتمد مدن أخرى أصغر حجماً على القطاع العام، الذين يُطلق عليهم مسمى “عمال الإنعاش الوطني”، وهم موظفون تابعون نظرياً لوزارة الداخلية، لكنهم إدارياً لا يستفيدون من الامتيازات التي يحظى بها الموظفون العموميون.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى