آخر الأخبارسياسة

قانون حوادث السير الجديد: خطوة للأمام أم تراجع عن حقوق الضحايا؟

اليقين/ نجوى القاسمي

لم تمر الجلسة التشريعية الأخيرة في مجلس النواب بهدوء، إذ فجّر تعديل طارئ مرتبط بتعويضات حوادث السير موجة واسعة من الاستنكار داخل الأوساط القانونية والحقوقية، بعد أن اعتبر منعطفا مفصليا في علاقة المواطن بشركات التأمين. التعديل الذي ظهر في اللحظات الأخيرة فُهم على نطاق واسع كامتياز غير مسبوق لشركات التأمين، وهو ما زاد من احتداد الجدل حول الشفافية التشريعية وحماية حقوق المتضررين.

تعديل مثير للجدل يظهر فجأة… ويمنح شركات التأمين صك نجاة

القضية انفجرت عندما نشر أستاذ القانون الدستوري عمر الشرقاوي وثيقة التعديل الجديد، الذي ينص على أن:

هذا القانون يدخل حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، ولا تطبق أحكامه على الأضرار الناجمة عن الحوادث الواقعة قبل هذا التاريخ.

تحذير الشرقاوي جاء واضحا هذا التعديل الذي لم يقدم باسم الأغلبية سيتيح لشركات التأمين التهرب من أداء تعويضات عن آلاف الحوادث السابقة، بما يعادل 700 مليار سنتيم، وفق تقديره. ويشير الشرقاوي إلى أن النص الأصلي لم يكن يتضمن هذه العبارة الخطيرة، إذ كان ينص على:“يطبق على جميع الحوادث التي لم يتم تسويتها في هذا التاريخ.

الفرق بين العبارتين كفيل برأي خبراء بإعادة صياغة علاقة المستهلك مع شركات التأمين، وتحويل كفة الميزان المالية لصالح هذه الأخيرة بشكل صريح.

ورغم هذا الجدل، صادق مجلس النواب على مشروع القانون رقم 70.24 بالأغلبية، بـ 107 أصوات مؤيدة مقابل 37 معارضاً، وهو المشروع الذي يعدل الظهير الصادر سنة 1984 المتعلق بتعويضات ضحايا حوادث السير.

وهبي: شركات التأمين ثروة وطنية… والوزارة ترفع التعويضات بـ150%

وزير العدل عبد اللطيف وهبي دافع بقوة عن النص، مؤكدا أن الهدف منه هو إعادة النظر في منظومة التعويض المعمول بها منذ 1984 واعتبر وهبي أن الرفع من التعويضات بنسبة 150%، وضبط المفاهيم القانونية، جاء ليعكس تحديثا ضروريا في ظل التحولات التكنولوجية ونمط النقل الجديد.

غير أن تصريحاته حول كون شركات التأمين ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها زادت من توسيع الشرخ بين موقفه وموقف المنتقدين، الذين اعتبروا أن التعديل لا يخدم المستهلك بقدر ما يحمي المصالح الكبرى لهذه الشركات.

تحيين مطلوب أم هدية غير معلنة؟

المشروع الجديد يقدم بالفعل مجموعة من المستجدات، من بينها:توحيد آجال التقادم في خمس سنوات،توضيح المفاهيم المتعلقة بالأجر والكسب المهني،تنظيم حالات وقف وانقطاع التقادم،مواكبة وسائل نقل جديدة كالترامواي والسيارات ذاتية القيادة

لكن، ورغم هذه المستجدات، فإن التعديل المتعلق بعدم تطبيق القانون بأثر رجعي ظل نقطة الانفجار الرئيسية، لأنه يعيد صياغة حقوق آلاف الضحايا بأثر فوري، ويحرمهم من تعويضات كانوا ينتظرونها منذ سنوات.

الجدل ليس حول تحديث الترسانة القانونية، بل حول كيفية تمرير تعديل حساس في لحظة صمت، دون تبرير سياسي أو قانوني واضح. وفي غياب ردود رسمية تفصيلية، يبقى السؤال مفتوحا:هل يتعلق الأمر بتطوير تشريعي ضروري لمواكبة العصر؟
أم أن الأمر أقرب إلى إعادة هندسة لمنظومة التعويضات بما يخدم لوبيات قوية على حساب الضحايا؟

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى