يهدف هذا القانون إلى إحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية وذلك قصد تعويض ضحايا هذه الوقائع.
حدد القانون مفهوم الوقائع الكارثية واعتبرها كل حادث تنجم عنه أضرار مباشرة في المغرب، يرجع السبب الحاسم فيه إلى فعل القوة غير العادية لعامل طبيعي أو إلى الفعل العنيف للإنسان وقد أوردت المادة 3 من القانون مجموعة من الشرط التي ينبغي توفرها في هذه القوة غير العادية منها شرط الفجائية وعدم أمكان التوقع وأن تنتج عنه آثار مدمرة شديدة الخطورة بالنسبة للعموم إضافة إلى شروط أخرى تتعلق بالفعل العنيف للإنسان ويدخل كذلك في حكم هذه الوقائع الكارثية الأضرار المترتبة مباشرة على أعمال وتدابير الإغاثة والإنقاذ واستتباب الأمن إذا كانت هذه الأعمال والتدابير مرتبطة بهذه الواقعة.
ويشترط لنفاذ مقتضيات هذا القانون والاستفادة منه أن يتم الإعلان عن حدوث الواقعة الكارثية بموجب قرار إداري يتخذ، بعد استطلاع رأي لجنة تتبع الوقائع الكارثية المحدثة كما هي منصوص عليها في المادة 9 من هذا القانون وينشر في الجريدة الرسمية داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ حدوث الواقعة الكارثية ويمكن تقليص هذا الأجل بنص تنظيمي.
ويحدد القرار الإداري أعلاه على الخصوص المناطق المنكوبة وتاريخ ومدة الواقعة الكارثية موضوع الإعلان السالف الذكر.
وتنطلق فور نشر القرار الإداري أعلاه عملية تقييد الضحايا في سجل التعداد يتم إعداده لهذا الغرض وذلك داخل أجل لا يتجاوز 90 يوما ابتداء من تاريخ نشر القرار الإداري أعلاه كما يتم كذلك تفعيل الضمان ضد عواقب الوقائع الكارثية وفق ما ورد التنصيص عليها في المادة 64 بند 1 من القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات.
الملاحظ أن أجل 3 أشهر الممنوح لرئيس الحكومة لإعلان حدوث الوقائع الكارثية وإن كان مرتبط بضرورة إنجاز التقرير النهائي من طرف لجنة التتبع وفق الإجراءات المحددة في هذا القانون فإننا نرى وارتباطا بالزلزال المدمر الذي شهدته مناطق كثيرة من المغرب بتاريخ 08 شتنبر 2023 ونظرا لوضعية ضحايا الكوارث التي يشملها ضمان هذا النظام تتسم بحالة الاستعجال القصوى خاصة وأن الكثير من الضحايا قد فقدوا منازلهم وأصبحوا بدون مأوى خاصة مع حلول فصل الخريف وما تعرفه أغلب المناطق التي ضربها الزلزال وهي مناطق جبلية تتميز بسيادة أجواء باردة وممطرة في غالب الأحيان هذا فضلا عن الأضرار البدنية الكبيرة التي ترتبت عن الكارثة الطبيعية موضوع الدراسة.
وطبقا للقانون 110.14 ولاسيما المواد 15 وما يليه منه فإن تعويض ضحايا الكوارث التي تشكل وقائع كارثية في مفهوم هذا القانون يتم بواسطة صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية يتم تسييره وتمويله وفق الكايفيات الواردة في المواد أعلاه.
غير أن ما يهمنا في هذه القراءة هو شروط وكيفيات اللجوء إلى صندوق التصامن ثم من هم الأشخاص المؤهلون للاستفادة من التعويضات التي يمنحها الصندوق.
الأشخاص المؤهلون للاستفادة من التعويضات التي يمنحها صندوق التضامن
طبقا للمادة 28 من القانون رقم 110.14 فإن الأشخاص الذين يمكنهم الاستفادة من التعويضات التي يمنحها الصندوق هم:
الأشخاص الذين أصيبوا بضرر بدني ناجم مباشرة عن الواقعة الكارثية بمن فيهم أولئك الذين يساهمون في عمليات الإنقاذ والإغاثة واستتباب الأمن المرتبطة بهذه الواقعة أو ذوي حقوقهم في حالة وفاة هؤلاء الأشخاص أو فقدانهم ؛
أعضاء العائلة الذين تسببت هذه الواقعة، بشكل مباشر، في جعل مسكنهم الرئيسي غير صالح للسكن.
و يمكن كذلك للأشخاص غير الأعضاء في هذه العائلة الاستفادة من التعويضات التي يمنحها الصندوق المذكور عندما يكون أزواجهم أو أطفالهم الذين هم تحت كفالتهم أو هم معا أعضاء في العائلة المذكورة.
ويعتبر غير متوفر على تغطية أخرى، برسم أحد الأضرار المشار إليها في المادة 28، كل شخص لا يتوفر على أي تغطية أو يستفسد من تغطية تمنحه تعويضا أقل من التعويض الذي كان صندوق التضامن سيمنحه له لو لم يكن يتوفر على أي تغطية. وفي هذه الحالة الأخيرة، يخصم التعويض الممنوح في إطار هذه التغطية من المبلغ الذي يمكن للشخص أن يحصل عليه من الصندوق المذكور.
تعويض الضحية عن الضرر البدني اللاحق بها أو تعويض ذوي حقوقها في حالة وفاتها أو فقدانها
يشمل التعويض المستحق برسم الضرر الذي يتعرض له الأشخاص المشار إليهم في البند أعلاه:
التعويض عن العجز البدني الدائم للضحية ؛
فقدان مورد العيش الذي يلحق بذوي حقوق الضحية بسبب وفاتها أو فقدانها.
يتم حساب تعويض الضحية أو ذوي حقوقها برسم الأضرار اللاحقة بهم نتيجة الوقائع الكارثية طبقا للكيفيات والشروط المنصوص عليها في الظهير الشريف رقم 1.84.177 الصادر في 6 محرم 1405 (2أكتوبر 1984) المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتعويض المصابين في حوادث تسببت فيها عربات برية ذات محرك وكذا الجدول الملحق به.
غير أننا نرى أن إخضاع عملية تحديد التعويضات المستحقة للضحايا أو ذوي الحقوق لظهير 1984 أعلاه فيه إجحاف كبير للضحايا أو ذويهم نظرا للتباين الواضح بين الأضرار التي تقع بين حادثة السير وتلك المترتبة عن الكوارث التي ينظمها هذا القانون.
التعويض عن فقدان المسكن الرئيسي أو عن فقدان الانتفاع به
فضلا عن تعويض الضحايا أو ذوي حقوقهم بحسب الحالات عن الأضرار البدنية والمعنوية والمادية التي تلحق بهم نتيجة الوقائع الكارثية فإنه يؤدى التعويض عن فقدان المسكن الرئيسي أو عن فقدان الانتفاع به للأشخاص المتضررين من هذه الوقائع كما تم تحديدهم في البند 2 من المادة28 من القانون 110.14، عندما يتم التثبت من عدم صلاحية هذا المسكن للسكن من طرف لجنة الخبرة المنصوص عليها في المادة 13 نفس القانون.
ويؤدى التعويض عن فقدان المسكن الرئيسي لمالكه العضو في العائلة التي تقيم بهذا المسكن. ويؤدى أيضا هذا التعويض للمالك غير العضو في العائلة عندما يكون زوجُه أو أزواجه أو الأطفال الذين هم تحت كفالته أو هم معا أعضاء في العائلة المذكورة.
ويشمل التعويض عن فقدان المسكن الرئيسي مبلغ التعويض عن فقدان الانتفاع بالمسكن الرئيسي وكذا مبلغ التعويض من أجل إصلاح محل المسكن الرئيسي والذي يتم حسابه وفق الصيغة المنصوص عليها في القانون أعلاه.
مسطرة طلب التعويضات لدى صندوق التضامن
لأجل الاستفادة من التعويضات الممنوحة من طرف صندوق التضامن، يجب على الضحية المقيدة في سجل التعداد المشار إليه في المادة 8 من هذا القانون أو ذوي حقوقها أن يقدموا طلبا إلى الصندوق.
يقوم صندوق التضامن بدراسة طلب التعويض ويدعو، عند الاقتضاء، المعني بالأمر إلى إتمام البيانات التي تم إغفالها أو الإدلاء بالوثائق الناقصة، ويبت بشأن قبول هذا الطلب.
وفي حالة عدم قبول الطلب يتعين أن يكون قرار عدم قبول التعويض معللا ويتم تبليغ المعني بالأمر بهذا القرار مصحوبا بكل الوثائق المرفقة بالطلب المذكور بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو عن طريق إجراء غير قضائي، وذلك خلال أجل ثلاثين (30) يوما ابتداء من تاريخ التوصل بهذا الطلب وبالوثائق التي يجب إرفاقها به. وفي حالة عدم تبليغ قرار عدم قبول هذا الطلب داخل الأجل السالف الذكر، يعتبر طلب التعويض مقبولا.
يتكون ملف التعويض فضلا عن الوثائق المشار إليها في المادة 43 من القانون 110.14 من الوثائق التالية التي تمكن صندوق التضامن من تقييم التعويض حسب الحالات الآتية:
في حالة العجز البدني الدائم للضحية:
شهادة تثبت استقرار جراح الضحية بصفة نهائية مسلمة من طرف طبيب ممارس بالقطاع العام وتتضمن نسبة العجز البدني الدائم الذي ستظل الضحية مصابة به ؛
الوثائق المثبتة لأجرة الضحية أو كسبه المهني.
في حالة وفاة الضحية أو في حالة شخص مفقود:
نسخة من رسم وفاة الضحية وفي حالة شخص مفقود، وثيقة تثبت فقدانه أو نسخة من الحكم القضائي المصرح بموته؛
الوثائق المثبتة لأجرة الضحية أو الشخص المفقود أو لكسبه المهني.
إثباتا لصفة ذوي حقوق الضحية أو الشخص المفقود.
في حالة فقدان المسكن الرئيسي أو فقدان الانتفاع به،
تقرير الخبرة المعد من طرف لجنة التتبع المشار إليه في المادة 13 من هذا القانون.
ويطلب صندوق التضامن، عند الاقتضاء، من الأشخاص المعنيين استكمال ملف التعويض بالوثائق التي لم يتم الإدلاء بها عند الاقتضاء.
في حالة قبول طلب التعويض المقدم من طرف المتضرر إلى الصندوق:
يقوم الصندوق بعد دراسته للطلب وقبوله بإشعار بمقترح التعويض إلى مقدم الطلب بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بمختلف طرق التبليغ مرفقة بتوصيل.
ويتعين على المستفيد أن يرجع للصندوق التوصيل بعد التوقيع عليه وفي هذه الحالة يتعين على الصندوق داخل أجل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ استلام التوصيل الموقع عليه.
في حالة عدم طلب التعويض المقدم من طرف المتضرر إلى الصندوق:
في حالة عدم قبول الصندوق للطلب المقدم إليه بعد دراسته للوثائق يتعين عليه (الصندوق) أن يشعر المعني بالأمر وفق نفس الكيفية أعلاه داخل أجل 30 يزم تبتدئ من تاريخ التوصل بالطلب
وفي حلة عدم تبليغ قرار عدم قبول الطلب داخل الأجل أعلاه يعتبر طلب التعويض مقبولا
مرحلة المنازعات:
إن أي نزاع بين صندوق التضامن وبين ضحية الوقائع الكارثية يجب عرضه أولا على لجنة تسوية المنازعات وأن هذه اللجنة تتولى البث في الموضوع لتسوية النزاع القائم قبل عرضه على القضاء وذلك وفق الإجراءات والشكليات الواردة في القانون 110.14.
وإذا لم تتخذ اللجنة أعلاه أي قرار داخل الآجال المحددة في هذا القانون يمكن للضحية أو ذوي حقوقه أن يتقدم بالطعن أمام المحكمة الإدارية المختصة باعتبار مكان وقوع الواقعة الكارثية داخل أجل 60 يوما تبتدئ من اليوم الأول الذي يلي انصرام الأجل المنصوص عليه في القانون أعلاه.
الأستاذ رشيد أغزاف
المحامي بهيئة المحامين بمراكش