
اليقين/ نجوى القاسمي
مع اقتراب الاستحقاقات التشريعية المقبلة، يدخل المشهد السياسي المغربي مرحلة ما قبل الإعلان غير الرسمي عن المعارك الكبرى، حيث تتحرك الأحزاب بهدوء محسوب، وتُدار النقاشات في الكواليس أكثر مما تعلن على المنابر.
فالتجربة السياسية أبانت أن لحظة الاقتراع ليست سوى تتويج لمسار طويل ترسم معالمه مبكرا، عبر جسّ النبض، وبناء التموضع، واختبار إمكانات التقاطع أو التباعد بين الفاعلين السياسيين.
في هذا السياق، يبرز الحزب الاشتراكي الموحد كأحد الأصوات التي اختارت الوضوح بدل المناورة، واضعا سقفا سياسيا صارما لأي تنسيق محتمل قبل الانتخابات. فبالنسبة للحزب، لا قيمة لتحالفات انتخابية عابرة تولد مع الحملة وتموت مع إعلان النتائج، بقدر ما تكتسب المعنى من قدرتها على إعادة بناء يسار معارض متماسك، قادر على استعادة حضوره داخل المجتمع والمؤسسات، وممارسة دور نقدي فعلي داخل المشهد السياسي.
الاشتراكي الموحد يرى أن الرهان الحقيقي لا يكمن في عدد المقاعد بقدر ما يكمن في طبيعة الدور السياسي بعد الانتخابات. ومن هذا المنطلق يرفض بشكل صريح أي تنسيق قد يُفضي إلى الالتحاق بالحكومة المقبلة، معتبرا أن تجارب المشاركة الحكومية السابقة لم تنتج تحولا ديمقراطيا ملموسا، بل أضعفت في كثير من الأحيان.
وفي هذا الإطار، تجري بالفعل مشاورات بين الحزب الاشتراكي الموحد وحزب التقدم والاشتراكية، غير أن هذه النقاشات تصطدم بتباين جوهري في الرؤية. فبينما يبدي حزب التقدم والاشتراكية مرونة تجاه خيار المشاركة في الحكومة المقبلة، يتمسك الاشتراكي الموحد بضرورة التموضع في صفوف المعارضة، انطلاقا من قناعة مفادها أن بناء قوة يسارية ناقدة وفاعلة بات أولوية سياسية تتقدم على إغراء المقاعد الحكومية.
وبين هذا وذاك، يطرح سؤال جوهري نفسه مع اقتراب موعد الانتخابات: هل تنجح الأحزاب المعارضة ذات التوجه المشترك في تجاوز حسابات اللحظة وبناء جبهة سياسية متماسكة تعيد الاعتبار للفعل المعارض؟ أم أن تباين الرؤى حول موقع المعارضة والمشاركة سيظل العائق الأكبر أمام ولادة تلاحم سياسي قادر على موازنة المشهد في المرحلة المقبلة؟
We Love Cricket


