
اليقين/ نجوى القاسمي
كشف مجلس المنافسة، في رأيه التحليلي الأخير حول السير التنافسي لسوق المطاحن بالمغرب، عن صورة مركّبة لقطاع حيوي يقوم على دعم عمومي ضخم، لكنه في المقابل يفرز اختلالات تمس جوهر المنافسة وتعيد توزيع الامتيازات بطريقة غير عادلة بين الفاعلين.
شركات تستفيد دون تطوير… ودعم يعوض غياب الابتكار
أوضح مجلس المنافسة أن عددا من المطاحن الكبرى استفادت من الدعم بطريقة غير مباشرة، ما جعل انخفاض أسعار الدقيق نتيجة للدعم وليس لرفع الكفاءة أو تحسين الإنتاج. هذا الوضع بحسب المجلس قوّض حوافز الاستثمار في الجودة والابتكار داخل سلسلة الإنتاج.
وسجّل التقرير أن جزءا كبيرا من التكلفة يتحمله المال العام، سواء عبر دعم الأسعار أو تغطية الرسوم أو الآليات الحمائية. كما أن تعدد الوسطاء وغياب مراقبة صارمة لمسالك التوزيع يرفع الكلفة الإجمالية دون أن تُترجم الفوائد إلى المستهلك.
وبيّن التقرير أن الشركات الصناعية الكبرى، التي تتحكم في التوريد والتخزين والتحويل والتوزيع، هي الأكثر استفادة من نظام الدعم، ما خلق فجوة واسعة بينها وبين المطاحن الصغيرة التي تعتمد فقط على طحن القمح، وجعل قدرتها التنافسية شبه معدومة.
وأشار المجلس إلى أن الدعم الحالي يُحدث نشويها في الأسعار، حيث يمكن لبعض الفاعلين تقديم منتجات بأسعار منخفضة لا تعكس التكلفة الحقيقية، مما يقصي المنافسة ويغلق الباب أمام دخول فاعلين جدد إلى السوق.
ووفق التقرير، فإن السوق لا يعكس فعليا التكلفة الحقيقية بفعل تدخل الدولة في الاستيراد والتخزين والتوزيع، وهو ما يُنتج صورة اقتصادية غير دقيقة للقطاع ويجعل الأسعار بعيدة عن دينامية العرض والطلب.
خلص مجلس المنافسة إلى أن الدعم العمومي، رغم دوره الحيوي في الحفاظ على الأمن الغذائي وضمان وفرة الدقيق المدعم، أصبح عاملا يضعف المنافسة ويزيد من تبعية الشركات للإعانات. ولذلك يرى المجلس أن إعادة هيكلة نظام الدعم باتت شرطا أساسيا لإرساء عدالة السوق، وتحسين جودة الدقيق، ورفع التنافسية داخل قطاع المطاحن.
We Love Cricket




