آخر الأخبارسياسة

محمد الغلوسي: النصوص الدستورية دون قوانين زجرية تتيح استمرار الانحرافات المالية

اليقين/نجوى القاسمي

عاد ملف تضارب المصالح إلى واجهة النقاش البرلماني بقوة، بعد تواتر معطيات حول شبهات تلاحق بعض أعضاء الحكومة، ما فجّر جدلاً يطرح بإلحاح سؤال الإطار القانوني المنظم لهذه الحالات وحدود فعاليته. ورغم أن الدستور وضع مبادئ صارمة لمحاربة استغلال النفوذ، إلا أن غياب قوانين تطبيقية واضحة يترك الباب مفتوحا أمام ممارسات تثير الكثير من الريبة داخل الرأي العام والمؤسسات على حد سواء.

تفاعلا مع هذا النقاش، برز موقف المحامي والحقوقي محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، الذي ذكّر بالفصل 36 من الدستور باعتباره إحدى أهم الآليات الدستورية الموجهة لردع الشطط في استعمال السلطة وتضارب المصالح.

الغلوسي اعتبر أن ما يجري تداوله داخل البرلمان حول مسؤولين حكوميين ليس مجرد تضخيم إعلامي، بل يلامس صلب ما حذّر منه الدستور بشكل صريح.

وفي تدوينة نشرها على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، أوضح الغلوسي أن الإشكال لا يكمن في النصوص الدستورية، بل في غياب الإرادة الحكومية لترجمتها إلى قوانين ملزمة، وعلى رأسها تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح.

وأضاف أن الحكومة لا تتعامل بجدية مع مطالب محاربة الفساد، بل تعتبرها ـ حسب تعبيره مجرد شعبوية ومزايدات في حين تصرّ بعض الأصوات داخلها على أن الفساد غير قابل للمعاينة المباشرة.

ويشير الغلوسي إلى أن الفصول الدستورية 154 و155 و156، التي تشدد على مبادئ النزاهة والحياد والمساواة داخل المرافق العمومية، تبقى هي الأخرى دون أثر ملموس طالما لم تُواكب بقوانين زجرية واضحة.

فغياب هذا الإطار يجعل النصوص الدستورية أشبه بوعود معلّقة، تُفقدها وظيفتها الردعية في ضبط تدبير الشأن العام.

وفي تحليله، يضع الغلوسي هذه المستجدات داخل سياق سياسي أوسع، معتبرا أن استمرار هذا الوضع يخلق بيئة ملائمة للعبث حيث تُترك قواعد الشفافية دون حماية قانونية، ويُسمح بتكريس ممارسات تستفيد منها أطراف لا مصلحة لها في إرساء حكامة قوية تربط المسؤولية بالمحاسبة

بهذا الموقف، يعيد الغلوسي فتح نقاش حساس طالما ظل مؤجلا داخل المؤسسات: هل يكفي الدستور وحده لضمان محاربة الفساد، أم أن تفعيل مبادئه يظل رهينا بسن قوانين صارمة تُجفف منابع تضارب المصالح؟ سؤال يتجدد كلما صعدت إلى السطح شبهة جديدة.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى