آخر الأخبارإقتصاد

ميلود الخضر لليقين: الانتقال للتقنيات الحديثة في الزراعة أصبح ضرورة لا اختيارا (حوار)

اليقين/ نجوى القاسمي

مع انطلاق الموسم الفلاحي الجديد، تتصاعد المخاوف في المغرب بشأن الوضعية المناخية والزراعية، وسط توقعات بخطر شديد على المحاصيل بسبب استمرار الجفاف وتأخر التساقطات المطرية في معظم جهات المملكة. ويعتبر الخبراء هذا الموسم من بين أصعب المواسم الزراعية خلال السنوات الأخيرة.

وأكد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، في جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025، أن البلاد تواجه أزمة جفاف للسنة السابعة على التوالي مع عجز مائي مرتفع.

وأوضح الوزير أن واردات الماء خلال شتنبر 2025 لم تتجاوز 160 مليون متر مكعب، رغم التحسن النسبي في التساقطات خلال السنة الماضية التي بلغت 142 ملم على الصعيد الوطني، وواردات إجمالية قدرت بـ 4.8 مليار متر مكعب، إلا أن العجز المائي يستمر عند 58%.

كما أشار بركة إلى أن نسبة ملء السدود لا تتجاوز حاليا 32%، مقارنة بـ40% في شهر ماي الماضي، نتيجة ارتفاع الطلب على الماء الصالح للشرب والاحتياجات الزراعية، ما يعكس حجم التحديات التي تواجه القطاع الفلاحي والمجالات المرتبطة بإمدادات المياه في المغرب.

ولفهم أسباب هذا الموسم الفلاحي الصعب، وأبرز الزراعات المتأثرة والحلول الممكنة، استقت «اليقين» توضيحات من الخبير في التواصل الفلاحي والقروي ميلود الخضر، الذي أكد أن المرحلة الراهنة تتطلب مقاربة شمولية واستباقية لحماية الأمن الغذائي الوطني.

وفي الآتي نص الحوار:

ما تقييمكم للوضعية المناخية الحالية في المغرب وتأثيرها على الموسم الفلاحي الجديد؟

قال الخبير في التواصل الفلاحي والقروي، ميلود الخضر، في تصريح لموقع «اليقين»، إن القطاع الفلاحي المغربي يعيش حالة ارتباك حقيقية نتيجة التغيرات المناخية المتواصلة منذ سبع سنوات من الجفاف المتتالي.

وأوضح أن هذه الظروف القاسية أثرت بشكل مباشر على الفلاحين والكسابة، رغم المجهودات المبذولة من طرف وزارة الفلاحة للتخفيف من حدة الأزمة. وأضاف أن شهر أكتوبر الجاري لم يحمل بعد أي بوادر إيجابية تبعث على التفاؤل بموسم فلاحي جيد، مشددًا على أن الأمل يبقى معقودًا على تحسن الأحوال الجوية في قادم الأسابيع.

وأشار الخضر إلى أن بعض الدراسات تتوقع دخول المغرب في دورة مناخية قاسية قد تُطيل أمد الجفاف، وهو ما يثير مخاوف حقيقية داخل الأوساط الفلاحية، خصوصا في ظل هشاشة البنيات التحتية المائية وضعف الموارد. وأكد أن هذا الوضع يتطلب رؤية استراتيجية واضحة للتعامل مع تداعيات الجفاف وضمان الأمن المائي والغذائي للبلاد.

ما دور التواصل الفلاحي والقروي في رفع وعي الفلاحين بمخاطر الجفاف وكيفية التكيف معها؟

في سياق التغيرات المناخية الراهنة، أصبح من الضروري الربط بين المعرفة العلمية والممارسة الفلاحية اليومية، سواء على مستوى التواصل الاجتماعي أو من خلال نقل نتائج الأبحاث والتجارب الميدانية إلى الفلاحين والساكنة القروية. فالرهان اليوم لم يعد فقط على إنتاج المحاصيل، بل على تغيير السلوكيات وطرق تدبير الموارد الطبيعية، وعلى رأسها الماء.

لقد أضحى من الملحّ اعتماد تقنيات السقي الدقيق عوض الطرق التقليدية التي لم تعد تواكب الوضع الحالي، إذ إن كل قطرة ماء أصبحت ثمينة، وواجب استغلالها وفق حاجيات النبتة فقط، لضمان مردودية أفضل واستدامة الموارد.

كما أن تدبير أزمة الماء لا يمكن فصله عن التربة، فكلما زادت حدّة الجفاف، كلما فقدت التربة رطوبتها، وهو ما يؤدي إلى تدهور خصوبتها وصعوبة استرجاع توازنها الطبيعي. ففي السابق، كانت الرطوبة تُسجّل على عمق خمسين سنتيمتراً، أما اليوم فقد تقلّصت هذه النسبة بشكل مقلق.

وإلى جانب هذه التحديات، تبرز إشكالية ملوحة التربة وارتفاع نسبة الملوحة في الفرشات المائية نتيجة قلة التساقطات، وهو ما يهدّد بشكل مباشر جودة الأراضي الفلاحية ويجعل من عملية الإنتاج أكثر تعقيدا

لذلك، فإن مواجهة هذه الوضعية تقتضي رؤية جماعية تقوم على الوعي، والتدبير الرشيد للمياه، واعتماد التقنيات الحديثة، من أجل الحفاظ على القطاع الفلاحي وضمان استدامته في ظل الظروف المناخية الصعبة.

ما هي القطاعات الزراعية الأكثر تأثرا بهذه الأزمة المائية؟

في ظل التغيرات المناخية المتسارعة، بات القطاع الفلاحي المغربي أمام تحدٍ غير مسبوق، حيث أصبح الجفاف وندرة التساقطات المطرية يفرضان واقعاً جديدا يهدد المنظومة الإنتاجية برمتها. فـ«الفلاحة الاستراتيجية» التي تشكل أساس الأمن الغذائي الوطني، وعلى رأسها الحبوب والقطاني، لم تعد في مأمن من آثار التغيرات المناخية، إذ تتأثر بشكل مباشر وحاد بانخفاض الموارد المائية.

ولا يقتصر الأمر على هذه السلاسل فقط، بل يشمل مختلف الأنشطة الفلاحية التي تعتمد بشكل أساسي على توفر المياه. أمام هذا الوضع، يبرز اليوم أهمية التحول نحو الممارسات الجيدة والتدبير الرشيد للموارد الطبيعية، باعتبارهما السبيل الوحيد لضمان استدامة الإنتاج الزراعي وتأمين سلاسل التوريد في المستقبل. إن هذه المرحلة الدقيقة تتطلب وعياً جماعياً وإرادة قوية لتبني التقنيات الحديثة وتغيير أنماط التعامل مع الأرض والماء، حتى تظل الفلاحة المغربية قادرة على الصمود في وجه تقلبات المناخ

ما الإجراءات العاجلة التي يمكن اعتمادها للتخفيف من آثار الجفاف على المحاصيل والمزارعين؟

أضحى الانتقال من الأساليب التقليدية في الزراعة إلى اعتماد تقنيات الزرع المباشر خطوة محورية ضمن الممارسات الجيدة والتدبير الرشيد للموارد المائية. فهذه التقنية الحديثة، التي انخرطت فيها المملكة المغربية عبر برامج وزارة الفلاحة، لا تعد مجرد بديل زراعي، بل رؤية استراتيجية تهدف إلى التكيف مع ندرة المياه والتغيرات المناخية.

الزرع المباشر يقوم على الحفاظ على رطوبة التربة وتقليل استهلاك المياه، مع تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يجعله خيارا مستداما وفعالا، خاصة في سنوات الجفاف. وقد أثبتت هذه التقنية مردودية محترمة في عدد من المناطق الفلاحية، ما يعزز الحاجة إلى توسيع اعتمادها وتغيير السلوك الزراعي التقليدي نحو أساليب أكثر كفاءة وذكاء بيئي.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى