
اليقين/ نجوى القاسمي
في الوقت الذي يحتفي فيه المغرب كباقي دول العالم باليوم العالمي للطفولة، عادت قضية حماية الأطفال إلى الواجهة من جديد، بعد التحذيرات التي أطلقتها نجاة أنور، رئيسة جمعية “ما تقيش ولدي”، والتي شددت على أن الوضعية الحالية ما تزال “بعيدة عن مستوى الحماية المفترضة”، رغم تراكم المبادرات التشريعية والمؤسساتية.
وأكدت أنور في تصريح خصت به موقع اليقين أن الهشاشة التي يعيشها الطفل المغربي اليوم ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات طويلة، إذ ما تزال البلاد تسجل ارتفاعاً في حالات العنف والاستغلال، مقابل ضعف في آليات التدخل والاستجابة.
وأوضحت أن النصوص القانونية القائمة، رغم أهميتها، لا تُترجم بالشكل الكافي إلى حماية فعلية على الأرض”، وهو ما يجعل الطفل في مواجهة مخاطر متواصلة.
وانتقدت رئيسة الجمعية استمرار مجموعة من الثغرات داخل المنظومة القانونية والتنفيذية، مشيرة إلى أن العقوبات الموجهة لمرتكبي الجرائم الجنسية ضد الأطفال لم تعد كافية لردع المعتدين، كما أن المساطر القضائية ما تزال طويلة ومعقدة، الأمر الذي يعرّض الضحايا لضغط نفسي متواصل ويمسّ بحقوقهم في الإنصاف السريع.
وأضافت أن غياب تعميم القضاة المتخصصين في قضايا الطفولة على مختلف المحاكم يُفقد هذه الفئة الضمانات الضرورية.
كما لفتت أنور الانتباه إلى أن مسارات التكفل بالطفل ما تزال تعاني ضعفا كبيرا سواء في مراحل الاستماع أو في المواكبة النفسية أو في عملية الإدماج اللاحقة، وهو ما يفرغ الحماية المؤسساتية من محتواها.
وأكدت أن غياب إلزامية التبليغ داخل المؤسسات التعليمية والصحية يجعل عدداً كبيراً من الحالات يمرّ دون رصد، في حين يستمر في بعض المناطق نوع من التسامح الاجتماعي مع المعتدين، مما يضعف هيبة القانون ويشجع على الإفلات من العقاب.
وتعتبر رئيسة جمعية “ما تقيش ولدي” أن كل هذه الثغرات، مجتمعة، تشكّل “عائقاً حقيقياً أمام بناء منظومة حماية فعالة”، مؤكدة أن النصوص وحدها لا تكفي، وأن التنفيذ الصارم يظل الحلقة الأهم في حماية الأطفال ووضع حدّ لمعاناتهم.وفي رسالتها إلى المشرّع المغربي، دعت أنور إلى منح الطفل المكانة التي يستحقها داخل التشريع وداخل السياسات العمومية، معتبرة أن حماية الأطفال “مسؤولية وطنية لا يمكن التعامل معها بمنطق المناسبات”.
وشددت على ضرورة تعزيز العقوبات في جرائم الاعتداء على الأطفال، خاصة تلك ذات الطابع الجنسي، وتسريع المساطر القضائية حتى لا يجد الطفل نفسه ضحية مرتين، مرة أمام المعتدي ومرة داخل المحاكم
كما طالبت بإحداث محاكم وأقسام مختصة في جرائم الأطفال، مع توفير الأطر المؤهلة للتعامل مع هذه الملفات الحساسة، إضافة إلى تعميم المواكبة النفسية والاجتماعية لكل طفل ضحية باعتبارها جزء أصيلا من عملية الحماية. ودعت أيضا تلى حماية المبلّغين وتشجيع ثقافة التبليغ داخل المؤسسات التعليمية والصحية، باعتبارها آليات أساسية للكشف المبكر عن الانتهاكات.
وفي ختام موقفها، شددت نجاة أنور على ضرورة تبني نظام وطني موحد لحماية الطفل على غرار التجارب الدولية، بما يضمن تنسيقاً فعالاً بين مختلف المتدخلين، مؤكدة أن “كل طفل غير محمي اليوم هو مشكلة مغرب الغد، وأن بناء مستقبل آمن يبدأ من حماية الطفولة، لا من التغاضي عن معاناتها.
We Love Cricket



