كتاب وآراءمقال رأيمنبر اليقينمنتدى القراء

عيد الحب بين الوهم والواقع

يوم كان العشاق يموتون عشقا ما كان للحب من عيد، إلى أن أوجد التجار عيدا لتسويق الأوهام العاطفية، غير معنيّين بأنهم بإبتداع عيد للحب يُذكرون غير العشاق بخساراتهم، ويقاصصونهم بفرح الآخرين إنه في الواقع أكثر الأعياد تجنيا.
لم يبقى إلا يوما واحدا يفصلنا عن عيد الحب، أو ما يصطلح عليه عيد العشاق الذي يستغله المحبين للتعبير عن حبهم عن طريق التنزه وتقديم الهدايا، التي من أبرزها الدباديب الحمراء، وتبادل أغاني الحب المختلفة، أي نوع من الهدايا تطلب البنات في عيد الحب لسنة 2022 ؟ سؤالا هاما يدور في عقول الشباب الآن خاصة أنهم أطلقوا الحملات لعدم الإرتباط لأنه يكلفهم الكثير من النقود من وجهة نظرهم، ولكن الرجل الحقيقي لا يقدر بالمال أو كما يشاع “الرجولة مواقف ماشي فلوس”.

اللعبة كلها تكمن في ذكاء الرجل بعيدا عن الحملات وإستخدام الحرب الإلكترونية، أتعرف لماذا؟ لأن كيدهن عظيم وإن كنت تريد إشعال نار الغيرة بهن تحمل عواقبها يا أخي، أما عن البنات فإن كلمة بسيطة ترضيها، هدية رقيقة غير متكلفة، مفاجأة لم تكن على بالها ممكن أن تبث في روحها الفرح و تظل تتحدث عنها لفترة.
سألنا عينة عشوائية من البنات عن ” نوع الهدية التي ترغبين في عيد الفالنتاين؟ فتضمنت الردود:
” نفسي في دبدوب الباندا كبيير” ” نفسي في طاگوس ” “نفسي في سفر الى تركيا ”، “أريد منه أن يأتي بوالديه لطلب يدي ويخلصني من الإنتظار ” ” لا أنا متزوجة الحمد لله لكن أشفق لحالهم وأنا أتفرج عليهم “.
في المقابل وجهنا سؤالا لعينة من الشباب عن وجهة نظرهم في عيد الحب فكانت الردود : ” عيد الحب حق أريد به باطل”،”أكيد سوف احتفل اقنتيت لها ملابس داخلية وعطور وبوكي دو فلور”” هذا منافي لقيمنا ودخيل على علينا”،”عادي احتفل مع الإكس ديالي دائما”.

الآن دعونا نلقي نظرة عن تاريخ عيد الحب والقصة الحقيقة له، التي يكتنفها الغموض والكثير من الخيال للأسف، إذ سنحاول معكم في هذا المقال البحث عن الأصول الحقيقية وراء الإحتفال بهذا اليوم، ولكي لا نُتهم بالانحياز أو عدم الدقة، فإن ما ستقرؤونه في السطور القادمة نُقِل بحيادية من مصادره الأجنبية، وتركنا موقف الإسلام من الإحتفال به إلى الفقرة الأخيرة، ومن هنا يمكننا بسط السؤال التالي مَن هو فالنتاين ؟
في الحقيقة يجب أن يكون السؤال الأكثر دقة من هم فالنتاين ؟ حيث الأصول الدقيقة وهوية القديس فالنتاين غير واضحة، إذ تعترف الكنيسة الكاثوليكية بما لا يقل عن ثلاثة قديسين مختلفين زمنياً يحملون اسم فالنتاين (Valentine) أو فالنتينوس (Valentinus)، وجميعهم ماتوا يوم 14 فبراير بظروف مُعينة بحسب الكنيسة.
فكان من بينهم مثلا قس من روما، وأما الثاني فأسقف من(Interamna) والتي تعرف الآن بـ “تورني” في إيطاليا، وأما الثالث فقد قُتِل في مقاطعة رومانية من أفريقيا.
فأما فالنتاين الأول : فقد كان كاهنًا خلال القرن الثالث في روما، وسُمي (فالنتاين روما)، وعندما أصدر الإمبراطور كلوديوس الثاني (Claudius II) قرارًا بحظر الزواج على الشبان ليزيد تعداد جنود جيشه، تحدى الكاهن فالنتاين قرارَ كلوديوس واستمرّ في تزويج الشباب سرًا، وعندما تم اكتشاف الإجراءات أمر كلوديوس بسجنه ثم إعدامه بحلول 14 فبراير عام 270 م. ولإضفاء بعض التحسينات على القصة، تناقلت الروايات أن فالنتاين قام بكتابة أول “بطاقة عيد حب” بنفسه في الليلة التي سبقت تنفيذ حكم الإعدام عليه مُخاطبًا فيها إبنة سجانه التي زارته في سجنه، وقد أرسل لها رسالة قصيرة وقعها قائلًا: “مِن المُخلص لك، فالنتاين”.
وتشير القصص الأخرى إلى أن فالنتاين الثاني وهو القديس الذي عاش في تورني “Terni” ، قد قُتل بسبب مساعدته المسيحيين في الهرب من السجون الرومانية القاسية، حيث كانوا يتعرضون في كثير من الأحيان للضرب والتعذيب أثناء عهد الإمبراطور الروماني أوريليان. أما القديس الثالث فليس مُرجحًا أنْ يكون له علاقة بهذا الإحتفال أو العيد، وقد قُتِل في مقاطعة رومانية في إفريقيا.
-ثانيًا: نأتي الآن إلى المفاجأة وهو أن أصل عيد الحب قد يكون وثنيًا
فهل هو عيد الذئبة؟ أم عيد الفالنتاين؟ أم عيدُ مَن بالضبط؟
قد يعتقد البعض أن عيد الفالنتاين هو تخليد لذكرى وفاة أو دفن القديس فالنتاين، إلا أن الحقيقة قد تكون مُختلفة كلياً، فبعض المُؤرخين يؤكدون أن عيد الحب ما هو إلا إحتفالٌ وثنيٌّ رومانيٌّ مُرتبطٌ بالخصوبة، وما قامت به الكنيسة هو مُحاولة لتنصير احتفال لوبريكاليا (Lupercalia) الوثني، لأنها لم تستطع أن تمحوَ هذا الإحتفال الشديد الرسوخ من وجدان الناس آنذاك .

حيث كان الإحتفال يمتد من 13 وحتى 15 فبراير بذكرى مؤسسي الدولة رومولوس وريموس (Romulus and Remus) حسب الميثولوجية الرومانية .
ففي عام 800 قبل الميلاد تقريبًا، وحسب الأسطورة الرومانية، فإن الأخوين (رومولوس) و(ريموس) ابنيّ آلهة الحرب (مارس) تُركِا على ضفة نهر التيبر حيث وجدتهما ذئبة وأرضعتهما، وهذا ما قد يوضح معنى إسم المهرجان فالاشتقاق المحتمل لاسم (Lupercalia) من (lupus) وتعني باللاتينية الذئبة.
بالإضافة إلى ذلك فهو إحتفال بآلهة الخصب عند الرومان وآلهة الزراعة : فاونس (Faunus) .
وإستمر الإحتفال بهذا العيد حتى نهاية القرن الخامس الميلادي، حيث أعتُبِر أنه “غير مسيحي”، وعندئذٍ أعلن البابا جلاسيوس (Gelasius) يوم 14 فبراير هو يوم القديس فالنتاين بدلًا من عيد لوبريكاليا عام 496 ميلادي.

-ثالثاً: لماذا اللون الأحمر هو الطاغي يوم الفالنتين ؟ وما أصله ؟
جوابا عن هذا السؤال يحكى أن مهرجان “لوبريكاليا” كان غريبًا للغاية، وربما أشد طقوسه غرابةً إذ تأتين الفتيات المُحتفِلات بأكلٍ مُقدسٍ إلى شجرة تين بصحبة شابين عاريين تمامًا، ثم يذبحون كلباً وعنزةً كرمز للبقاء والخصوبة، ثم يدهن الشابان جسديهما بالدماء الحيوانية المُختلَطة، وهذا هو المصدر المُرجح لغلبة اللون الأحمر على رمزية يوم الفالنتاين، ثم يتقدم هذان الشابان الموكبَ الإحتفالي في جولة بمدينة روما ومعهما قطعتين من الجلد مُلطختين بالدماء، ثم يُلطخان بها كل من صادفهما كعلاج وزيادةً للخُصُوبة، وكانت النساء يُقبِلنَ على هذين الشابين.
إذاً اليوم وأنت ذاهب أو ذاهبة للإحتفال بعيد الحب، هل ستحتفل بعيد الذئبة؟ أم بمؤسسي الدولة الرومانية ؟ أم الآلهة فاونَس ؟ أم القديس فالنتاين المسيحي ؟؟
_رابعاً : ما حكمه في الإسلام ؟
الحقيقة أن رسالة الإسلام التي أرسل بها الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم هي رسالة شمولية، هي الدين الخاتم الذي جعله الله تعالى قائدا للبشرية، وحرر كل مَن يحمله من ربقة التقليد الأعمى والإغترار بالكثرة إلى أن يتبع الحق والصواب والدليل ولو كان وحده.
فهذه العظمة للفرد هي من عظمة الإسلام : ” قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ” الأنعام 162- 163
والمسلم لله تعالى في كل أمره : ينظر بذلك إلى كل ما يراه حوله من مناسبات أو إحتفالات فيقيمها بمقياس الشرع والصواب والخطأ.
والآن .. ما هي السمة الطاغية أو المنتشرة في هذا اليوم (يوم الحب أو يوم الفالنتاين) غير ما يتم التغطية عليها بحب الزوجين أو غيرهما من الحب الحلال ؟
ما هي السمة التي تجعل الشاب الذي يشارك فيه لا يرضى أن يُفعل مع أخته نفس ما يفعله هو مع بنات الناس؟ أو نفس ما لا يرضاه أحد لأخته أو إبنته ؟

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى