حوارات

خبير اقتصادي: تمديد “الطوارئ” وارد .. والعودة إلى “الحجر” مستحيلة

حاورَه : وائل بورشاشن
في أوّل خروج له بعد إعفائه من إدارة المكتب المغربي لحقوق المؤلّفين قبل ما يزيد عن سنة ونصف، يقول إسماعيل المنقاري، إنّ المكتب، تحت إدارته الحالية، أفقد المغرب مجموعة من المكتسبات التي راكمها دوليا، وإفريقيا.
ويصف المدير السابق للمكتب المغربي لحقوق المؤلّفين، بين سنة 2016 وأبريل 2019، هذا الأخير بكونه “مؤسسّة للرّيع”، اجتمعت فيها مصالح “جيوب مقاومة” تحول دون تحديث آليات عمله، وتستمرّ في الاستفادة من موقعها، مع بخس حقوق مجموعة من ذوي الحقوق، من بينهم فنّانون بارزون في الموسيقى الأمازيغية.
في هذا الحوار يتحدّث إسماعيل المنقاري، المدير السابق لـ”BMDA”، والأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، عن أسباب إقالته، وأوجه الحيف الذي يعاني منه مجموعة من الفنّانين ذوي الحقوق بالمكتب، ويقدّم براهينه على أنّ المكتب المغربي لحقوق المؤلفين “مؤسسة ريعيّة” تستفيد من ثغراتها القانونية وظرفيّتها الحالية “جيوب مقاومة” منتفِعَة.
منذ الإقالة لَم تتحدّث عن المكتب المغربي لحقوق المؤلِّفين، لماذا الآن؟.
نأيتُ بنفسي عن الحديث عن مشاكل المكتب المغربي لحقوق المؤلّفين، والله يعلم أنها مشاكل موجودة فقط فيه، لأعطي الفرصة، ربما، لأشخاص آخرين يمكنهم الاستمرار في تنميته، وأيضا لتوسيع رقعة المستفيدين أو المُستغَلّين لحقوق المؤلّفين به.
لكن، كل ما رأيته منذ سنة ونصف يصبّ في خانة تأخير المكتب المغربيّ، والاختزالات الكثيرة لما تمّ إنجازه فيه، والعودة به على الأقلّ إلى السبعينيات من تاريخه، رغم وجود قانون يوضع الآن أمام أنظار البرلمان للتّصويت عليه. وسيُعتبر هذا القانون، مثل سابقه، حبرا على ورق نظرا لعدم استعداد المكتب المغربي، لأنّه غير متوفّر على الهيئات التي يمكن أن تفرض واقعا معيَّنا، وغير متوفّر على الكفاءات التي نادى بها جلالة الملك.
في وقت قرّر الملك تعيين الكفاءات من أعلى هرم السلطة إلى أسفلها، وُضعت كفاءات في الثّلاجة، لفترة أخرى ربما أو إلى غير رجعة. وتمّ الرجوع إلى أشخاص بعينِهم، وأدوات بعينها للاشتغال داخل منظومة المِلكيّة الفكريّة وحقوق المؤلّف بالمكتب المغربيّ لحقوق المؤلِّفين.
وبالتالي اعتبرتُ نفسي لا أنتمي إلى الصنف الذي يوجد الآن، ويختزل المكتب كلّه في بناية، خارج جميع الضوابط القانونية التي يمكن أن نتوقّعها في مكتب للتّسيير الجماعيّ حَسَبَ القوانين الدولية.
لماذا تعتبر أنّ سبب إقالتكَ هو جماعات منتفعة من الوضعيّة القديمة للمكتب؟.
هذا ليس طعنا، ولا حقدا، والدليل هو نأيي بنفسي عن الحديث في هذه المواضيع. ولكن المكتب المغربي لحقوق المؤلّفين، وأنا أعي ما أقول، مؤسّسة للرّيع، يستفيد منها أشخاص بعينهم، ويقصى منها مؤلِّفون لَم يُعَر لهم أدنى اهتمام. ومادامت هذه المؤسسة مؤسسة للرّيع فستستمرّ على هذا المنوال، وستحارب كلّ ما يمكن أن ينمو بهذا المكتب، وكل ما يمكن أن يصعد به إلى درجات بلغها، ربما، في السنوات الثلاث التي كنتُ أشتَغِل فيها.
ومادامت جيوب المقاومة هذه داخل المكتب المغربيّ لحقوق المؤلِّفين فسيبقى على ما هو عليه الآن، مِن تدهور بلغ مداه في الجهل بالقوانين التي تعمل بها المنظمة العالمية للملكيّة الفكريّة، أو المعمول بها حتى في القانون المغربي، أو حتى بالنسبة للقانون الذي تنوي الحكومة طرحه أمام البرلمان، والذي صادقت عليه قبل بضعة أشهر.
المسألة الأساسية التي تجعلني متشائما حول تقدُّم المكتب المغربيّ لحقوق المؤلِّفين ليس عدم وجود الكفاءة، فهناك شباب مغربي بشهادات، ولهم قابلية للتطوّر، والتّقدّم للأمام بالمكتب، لكن تصفية جميع ما يمكن أن يساهم في هذا التقدم، كاللّجان الداخلية، أو مجلس الإدارة، إلى آخره، تجعل القادم أصعب مِن أن يتصوّر إمكان تطبيق هذا، مع وجود جيوب المقاومَة، التي تنتفع مِن أموال المكتب بدون سند قانوني.
المكتب المغربيّ لحقوق المؤلّفين، كما يعرف الجميع، يشتغل خارج المنظومة القانونية، بدون سند قانونيّ، وبدون وجود قانون لصرف الأموال فيه؛ وهذا كان موجودا أيضا لمّا كنت مسؤولا عن إدارته.
أنا ممّن اشتغلوا على القانون المُقْبِل، والإدارة الحالية تجهل كلّ شيء عنه إلا ما كُتِب، أما حيثيات الاشتغال عليه من المكتب، والخبراء في الأمانة العامة للحكومة، والمنظّمة العالمية للملكية الفكرية، فلا تعرفها، ويبقى التفكير فيها صعبا، وهو ما يؤثّر في إمكانية استيعاب بعض فقرات هذا القانون رغم بساطته.
والقانون 2.00 الذي كان معتمدا منذ سنة 2014، رغم قصوره، لَم يكن مطبّقا كما يجب، كما الهيئات التي يجب أن تُسَيِّرَ وتكون حاضرة داخل المكتب تمّت تصفيتها، ليس بالطرق القانونية، بل بعدم التّمديد لها، أو عدم انتخابها، وعدم تعيين أفرادها من جديد؛ وبالتالي يبقى المدير وسلطة الوصاية المسؤولين الوحيدين، في حين توجد خيوط أخرى يتمّ التّحكّم فيها عبر ما يمتّ إلى الرّيع بصلة.
هل تهدّد جيوب مقاومة التّغيير هذه تطبيق القانون الجديد عندما يخرج من البرلمان؟ وهل تهدّد حقوق فنانين مغاربة؟.
في طرح هذا القانون في عهد السيد الوزير حسن اعبيابة لم يكن هذا النّقاش حاضرا، نظرا لحداثة عهده بالوزارة. وقبل ذلك، كان نقاش طويل دائرا حول الهيئات التي يمكن أن تنصّب بالمكتب المغربيّ لحقوق المؤلِّفين، مع الحكومة ومع الخبراء الذين كانوا يناقشون قانونا جديدا للمكتب، ليتلاءم وقوانين المنظّمة العالمية للمِلكيّة الفكريّة. وكانت الفكرة أن تُنتَخب هذه الهيئات كما هو الشّأن في جميع دول العالم التي يتقدّم فيها قانون الملكية الفكرية وحقوق المؤلِّف.
وكانت الفكرة الأخرى أن يُعَيَّن هؤلاء الأشخاص من بين الهيئات التّمثيليّة، مثل النقابات وما إلى ذلك، في مرحلة أولى، ليتمّ إيجاد محاوَرين، وهيئات تشتغل. ولما ساد الجنوح إلى الفكرة الثانية، خوفي أن يصير هذا المؤقّت، المؤقَّت الذي سيدوم؛ لأن جيوب المقاومة الموجودة داخل المكتب المغربي لحقوق المؤلّفين، سواء الإدارية أو المنتفعة، لن تترك هذا المجال لآخرين.
ونعرف، كما قلتُ في البداية، أن المكتب المغربي لحقوق المؤلّفين مؤسّسة ريعية، يتمّ فيها التوزيع خارج إطار القانون، وبصيغ أكثر من مشبوهة. وهذا تمّ أيضا في عهدي، إذ كانت هناك أشياء تجعل هذه المسائل قائمة، وشبه قانونية، لوجود مذكّرات وزاريّة سابقة تجعل هذه الهيئات مشرفة على بعض التوزيعات، من بينها ما يسمّى الدّعم الاجتماعيّ لفئة المؤلّفين الأعضاء المسجّلين.. وعندما يشرف أحدٌ على توزيعات هو جزء منها فالكفّة تميل دائما له، وللأشخاص الممثِّلين له، في وقت ينسى أشخاصا آخرين.
عمدنا، بطبيعة الحال، إثر هذا، إلى العمل بتوصيات المنظمة العالمية للملكيّة الفكريّة، وهي استعمال التكنولوجيا في تحديد المستغَلّين، وبالتالي المستفيدين، واعتماد برامج مرقمنة، لمعرفة مَن يستغِلُّ مَن، وكيف يُستغَلّ، ومدّة الاستغلال، وهو ما تحدَّد بناء عليه المكافأة التي يجب أن تُعطى للمستغلّين.
كانت هذه من النقط الأساسية لصراعك مع أشخاص داخل المكتب؟.
لَم أكن في صراع لا مع أشخاص داخل المكتب، ولا خارجه… لكن رقمنة المكتب المغربي لحقوق المؤلّفين يجب أن تتمّ، ولا مناص منها. خلال جائحة “كوفيد-19” وجدنا أنفسنا أمام مؤسّسات غير مرقمنة، ويجب أن تشتغل عن بعد ويصعب ذلك…وحقوق المؤلّف لا يمكنها أن تشتغل دون رقمنة؛ فلا يمكن أن أعرف كيف تمّ تشغيل أعمال مؤلّف معيَّن في إذاعة حرّة مثلا، لأن التوزيعات تتم فقط انطلاقا من البيانات التي ترسلها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ونطبّق ما أتى من هذه المؤسّسة على جميع المؤسّسات المستغِلّة في ما بعد.. مع نسيان المجال المباشر للمهرجانات، والمطاعم والفنادق التي ليست من صنف الإذاعة والتلفزيون.. لكن مع ذلك أقيس الأمر على الباقين كلهم.
يحدث هذا في وقت نجد الموسيقى الأمازيغيّة غائبة عن بعض المجالات، وبالتالي لا يمكن للفنانين الأمازيغ الاستفادة. ولكن إذا اعتبرنا جميع الإذاعات الموجودة، والجهويات، والتلفزيونات، واعتبرنا مجال الاستغلال المباشر في المشهد العموميّ، من ساحات وفنادق، وما إلى ذلك، سنجد أنّ في الفنادق، وفي المطاعم، والكباريهات، والمراقص، في مدينة الدار البيضاء، تُستَغَلّ الموسيقى الأمازيغية، السوسية أو الريفية أو الأطلسيّة، إلى آخره. وهذه الموسيقى يجب أن تدمج، وهؤلاء الفنانون يجب أن يستفيدوا أيضا.
ويبقى المجال الرقمي هو الكفيل الوحيد بتحديد مستغِلّي المجال الفني، وكيفية الاستغلال ومدّته، ويحدّد بناء على ذلك ثمن المكافأة التي يجب أن تعطى.
المجال الرقمي يمكن أن يفاجئنا، فعندما قمنا بتوزيع أوّل بعدما أرسينا هذه القاعدة، فوجئنا بأنّ عددا كبيرا من النّاس الذين لَم يكونوا يستفيدون صعدوا في الترتيب العام لاستغلال المصنّفات الفنية داخل المكتب المغربي لحقوق المؤلِّفين. الفنان رويشة مثلا استُغِلَّ ويستغَلّ إلى حدّ الآن، وتمّت الكثير من الإعادة لمصنّفاته المحمية، ولم يكن يتجاوز ما يتقاضاه من المكتب بضعة آلاف من الدراهم، في وقت يتمّ استغلاله في جميع الإذاعات ومحلّات الاستغلال، وجميع المهرجانات، ورغم الإعادة الكثيرة لمصنّفاته، مقارنة مع أشخاص ربما لم تعد مسألة الاستغلال واردة في حقّهم، في المجالات كلّها.
مثال آخر لا يتقاضى سنتيما واحدا، وهنا أتحدّث عن الراحل عموري امبارك، الذي له أكثر من أربعمائة مصنّف، كتبها، وعزَفها، وغنّاها. لمّا استمعنا إلى البرامج المرقمنة، مع الاستماع مباشرة إلى هذه الأغاني في القنوات الإذاعية والتلفزية، والقناة الأمازيغية، أو في المجال الرقمي، صعد إلى الخمسة الأوائل في استغلال المصنّفات الفنية، لأنّه فنّان وشاعر، وموسيقار كبير في مجاله، لكن ملايين السنتيمات لا تعطى لعائلته، ولذوي قرابته.
المجال الرّقمي بالتالي هو الوحيد الذي يمكنه أن يرفع هذا الحيف في حقّ جميع المؤلِّفين، ولا يمكن نهائيا أن نقف عند اللوائح القديمة التي نشتغل عليها، لأنّها مبنية على مسائل ربما كان لها في وقتها معنى في الوجود، ولكن المجال الرقمي الآن يبطل هذه الأمور كلّها؛ فالآن ما لزيد لزيد وما لعمرو لعمرو، ولا يمكن أن نعتمد على الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون وبرامجها خلال الشهر، لنضع تصنيف المؤلفين على باقي وسائل الاستغلال كاملة، في المجالات كلّها.
لا يمكن إلا أن نطوِّرَ هذا المجال بإقحام منصّة للمجال السمعي البصري، سواء في الاستماع للإذاعات والتلفزيونات، أو متابعة البرامج المباشرة، كالمهرجانات، والمقاهي، وغيرها… كما يُستغَلّ عدد كبير من المؤلِّفين في النوادي الليلية، وهم لا يعرفون ذلك، فيما يعيش آخرون على مجهودات هؤلاء الأشخاص، بدون حسيب ولا رقيب، بينما حين يعزف شخص موسيقى فنّان مُعيَّن يجب أن يحتسب للفنان لا لعازف موسيقاه.
وهذا ناهيك عن أني وجدتُ عندما كنت مسؤولا في المكتب المغربي لحقوق المؤلِّفين أنّ كثيرا من المؤلّفين المغاربة يُستَغَلّون خارج الوطن. وهنا نعود إلى السياسة الثقافية في البلاد، حيث لا يهتمّ بالمنتجات الثقافية المغربية، في حين تحتسب دول أخرى شقيقة لنفسها هذا النوع من الفنون.
يكفي أن نعرف الجدل الذي دار في الجزائر قبل سنتين حول الشريف الوزاني، الذي قيل إنّه جزائريّ وليس مغربيّا، في حين تقع منطقة وزان في الجزء الشمالي الغربي من المملكة المغربية، وهو بعيد كل البعد عن الراي الواقع على ضفتي الحدود المغربيّة الجزائريّة. دون أن نتحدّث عن عبد الوهاب الدكالي، الذي يستغلّه الإماراتيون، فعندما ندخل إلى “يوتوب” ونرقن أغنية “كان يا مكان”، التي كتب كلماتها محمد الباتولي، نجد أنّ هذه الأغنية يعتبرُها مؤدّيها من الإمارات من التراث المغربيّ القديم الذي أُعفي من حقوق التّأليف، في وقت مازال مغني وكاتب كلمات الأغنية حيَّين، ومازال الدكالي يعزف هذه الأغنية إلى الآن، ومازالت هذه المعزوفة حية.
هذا إذا استثنينا المعزوفات التي تقادمت، مثل رقصة الأطلس للمرحوم الأستاذ عبد القادر الراشدي، التي أخذها الكويتيون بالطريقة التي نعرف، عندما أهداها جلالة الملك الحسن الثاني للشيخ الكويتي في فترة الخمسينيات أو الستينيات. ولكن مهما كانت الطريقة فهي لا تُسقِط حقوق التأليف لذوي الحقوق.. علما أنّ المعزوفة بعد ذلك أخذتها البحرين، ودول أخرى.
الفن المغربي يُستَنزَف داخل المجال العربي، لكن هناك تراثا مغربيا مستنزفا داخل المنظومة الدولية؛ فالكسكس صار إسرائيليا وجزائريا وتونسيّا، والقفطان والجلباب المغربيّان تملَّكَتهما دول أخرى، والشاي المغربي لم يعد مغربيا، بل صار له دعاة ومالكون كثر، والأركَان… وعليه، بسبب ضعف سياسة المِلكيّة الفكرية بالمغرب بصفة عامة تملكت دول أخرى ما هو مِلكيّة خاصة به، وما هو ممثّل لصورته الثقافية والحضارية.
مع ذلك بغيابنا عن المنتظَم الدولي، وعن تسجيل ما هو لنا، لا يمكن إلا نقبل ببعض الحيثيات التي من بينها مثلا أن يكون الشريف الوزاني جزائريا رغم أنفنا، لأنّه مسجّل ضمن قوائم الشعر والفن والموسيقى الجزائرية.
عودة إلى الرقمنة وأهميتها، رغم أهميته ما ذكرتَه حول ضمان حقوق الفنانين عبرها، وظهور حقوق فنانين لم يكونوا يتوصّلون بها، توقّف كل هذا لما طويت صفحتك بالمكتب المغربي لحقوق المؤلّفين..
لا بل كان هذا متوقفا حتى عندما كنت بالمكتب المغربي، فمعايير توزيع الحقوق في المغرب لَم تكن تخضع لقانون، بل لقرارات وزراء سابقين، وكان هذا أحسن من لا شيء؛ فمثلا توزيع مستحقّات الفنانين والمؤلفين المغاربة بصفة عامة كان يتمّ بقرار من بين قرارات الوزراء السابقين، بناء على التوزيعات الخمسة الأخيرة.
بطبيعة الحال كان أول هذه التوزيعات توزيع الشركة الفرنسية (La SACEM) التي كانت صاحبة الشأن في المكتب المغربي لحقوق المؤلِّفين منذ اتفاقية 70 واتفاقية 77، التي منحت جميع الصلاحيات لهذه الشركة. ولما أتينا إلى التوزيعات، نظرنا إلى آخر خمسة توزيعات للمكتب الفرنسي، وهو مبدأ بقي معمولا به.. فآخر خمسة توزيعات نحذف منها كلّ سنة توزيعَين سابقين، ونضيف توزيعين، وما دام بعض الفنانين مشرفين في هذه الهيئات داخل المكتب المغربي، ذي التدبير الجماعي الذي ينخرط فيه المؤلِّفون، نصعَد بمؤلِّفين بعينهم، بدون سند. والبرنامج المعلوماتي “WIPOCOS”، الذي زوّدَتنا به المنظمة العالمية للملكية الفكرية، كان مطعونا فيه حتى داخلها، لأنّه كان إطارا فارغا نَصُبُّ فيه ما نشاء.
هذا البرنامج لَم يكن يُحَدِّدُ الاستغلال، بل كان يوزِّعُه، ويمكننا أن نضع فيه أيّ استغلال نريده، وبالتالي، صراحة، هذا الإخلال كان واضحا، وكنّا نوزِّع على طائفة مِن المؤلِّفين، ونقوم بالتقويم وَفق البرامج التي كانت تأتي من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، فنجري عليها كل الاستغلالات الأخرى، وهذا كان العيب الأساسيّ.
بالإضافة إلى هذا، كان برنامج “WIPOCOS” مرفوضا حتى داخل المنظمة، ولم تكن تشتغل عليه، إذا أردنا أن نضخّم الأمر، حتى عشر دول، غالبيّتها من إفريقيا، بعد ذلك ألغته المنظمة العالَميّة للمِلكيّة الفكرية. وأخبرتُ إذاك الوزير القائم على الوصاية بأنّ هذا البرنامج لا يمكن الاشتغال به لأنّ المنظمة نفسها ألغته، فكان لا بدّ من وضع برنامج للرّقمنة، وافق عليه السيد الوزير. على كل حال، ألغي الكل، ويشتغل المكتب ببرنامج آخر الآن، وهو أيضا برنامج آت من المنظمة العالمية للملكية الفكرية، وأثار جدلا كبيرا بين المنظمة والكونفدرالية الدولية (La CISAC)، التي تعتبره برنامَجها، وبالتالي لا يجوز للمنظّمة الاشتغال به. ولكن وقعت تسوية في ما بعد.
هذا البرنامج بدوره تشتغل به عدد قليل جدا من الدول، وبالتالي لا يمكن للمكتب المغربي أن يُنصِفَ مؤلِّفيه خارج منظومة منصّة رقميّة مُعتمَدَة.. وهذا لن يتمّ في القريب العاجل مادام لن يخدم مؤسسة الريع كما قلت.
من بين ما تمّ التراجع عنه بعد مغادرتك المكتب بعض ما كان يستخلص من مهرجانات وشركات. ما مقصد دفعك في هذا الاتجاه عندما كنت على رأس المكتب؟ ولِم تمّ التراجع عن استخلاص ملايين الدراهم بالتخلي عن هذه الاستخلاصات التي كان يمكن أن تدعم حقوق المؤلّفين؟.
أوّلا، تغيير الوزراء أوقع المكتب المغربي لحقوق المؤلّفين في تغيير سياسته، وفق منظور سلطة الوصاية. ثانيا الخضوع لمسائل، من بينها ضرورة إقحام مستفيدين آخرين، مثل الكتاب والتشكيليين. فالكتاب لا يمكن الحديث عنه إلا بإحداث انخراطات الكُتّاب، وهذا غير وارد. ولمّا كان اتحاد كتاب المغرب منفكّا في تلك الفترة، صعب إيجادُ متحدّث، إضافة إلى وجود قانون الاستثناء بالنسبة للكتاب؛ فلم يكن تشجيع الكتاب واردا بالنسبة لحقوق التأليف، في حين كان تريد سياسة الوصاية أن نؤدي حقوق التأليف للكُتّاب وأصحاب الكتب.
وبالنسبة للفنّانين التّشكيليين فهم غير واردين في النص المتوفّر الآن، وفي القانون 2.00 لا يوجد حقّ لأصحاب الفنون التشكيلية، لمسألة بسيطة جدا، فقد كانوا واردين بصيغة قانون التتبع، ولما أُلغي لَم تعد لدى المكتب المغربي حقوق للفنّانين التّشكيليّين.. وإن كنا رأينا في ذلك حيفا، لأنّ الفن التشكيلي من الفنون الذي يجب أن يُعتَدّ بها.
لكن، بصفة عامة يتبع الفنّ التّشكيليّ قانونا آخر يسمّى حقّ التتبّع، وهو أن يتمّ تتبّع التعبير التشكيلي في مبيعاته، وفي قاعات العرض، إلى آخره… لتتم تأدية دعم منصف. وهذه الصيغ كلها جعلت المكتب في شيء من الصراع، وخلط الأدوار.
كان يراد من المكتب المغربي الدّعم، وهو لا يتوفّر على أموال الدعم، بل على حقوق أصحابها، وهي حقوق عينية مادية للمؤلِّفين، وليست حقوقا معنويا أو دعما. ويمكن في إطار سياسة مضبوطة، وفي إطار الأموال التي تبقى بحوزة المؤلِّفين، أن تُحدَّد نسبة مئوية تعطى لتشجيع جانب من الجوانب، مثل موسيقى النساء، أو العجزة، والله يشهد أنّهم كُثُر، وأتذكّر أنّهم كانوا يأتون إلى المكتب ليطالبوا بشيء معين، ونجد نفسنا أمام هامة فنية كبرى، لكن لا حقوق لها، داخل المنظومة التي كان معمولا بها.. ويجلس أمام المكتب قائلا: ليس لي بما أعود إلى بيتي.. وفي هذه الحالة لا يمكن الأخذ من أموال المستفيدين، وإلا سأعطي من جيبي.. وفي كلتا الحالَتين تبقى حقوق الفنان مهضومة.
كمكتب، تربطنا مع الشركة الفرنسية، بعد فك الارتباط، علاقة تعامل بالمثل، وترسل لنا تحصيلات بعض المؤلِّفين المغاربة الموجودين داخل المغرب أو خارجه، فنجد أنّ بعض المؤلِّفين المغاربة يتقاضون أموالا طائلة داخل المكتب المغربيّ، ولا يتوصّلون إلا ببعض الدُّرَيهِمات مِن المكتب الفرنسيّ.
هذا التناقض الصارخ لا يمكن أن نجد له تفسيرا، في وقت نجد مؤلِّفين يتوصّلون بمبالغ كبرى من الشّركة الفرنسيّة، ولا يُعترَف بهم داخل المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، وهذا تناقض أيضا.. وهو تناقض لا يمكن تفسيره إلا داخل المنظومة القانونية التي تحكم المكتب، وداخل المذكّرات الوزارية القديمة، وهي معيبة بطبيعة الحال، لكن الوزراء وضعوها ابتدائيا إلى حين صدور القانون.
وعند صدور القانون 2.00 بقي معيبا، لأنّ قانون الاستخلاص متوفّر، لكن قانون صرف هذه الأموال غير متوفّر.
هل يمكن أن نسمي هذه “المجاهيل” التي تصفها بـ”جيوب مقاومة التغيير” داخل المكتب المغربي لحقوق المؤلِّفين؟.
هم ليسوا “مجاهيل”، بل يمكن أن نصفهم بالأذكياء، فهم يعرفون أنّ هذه الظّرفية التي يعيشها المكتب، مع غياب القانون داخل منظومة صرف الأموال، وعدم وجود قانون لصرف أموال النّسخة الخاصّة، إلى آخره… تفيدهم.
وننبه إلى أنّ الوزير مصطفى الخلفي سمّى بعض التوزيعات توزيعات جبر الضّرر، وهي تعطى للفنانين الذين يُستَغَلّون في التسجيلات القديمة، من الأقراص المدمجة، والأشرطة، وغيرها… والذين لا يستفيدون منها. وتعطى أموال لهؤلاء الأشخاص الذين يُستَغَلّون بطرق غير قانونية، في أسواق استغلال الفن والمؤلفات، سواء كانت سينمائية، أو مسرحيّة، أو موسيقيّة، إلى آخره.
والخلفي أسّس هذه الفكرة التي كانت صائبة إلى حدّ ما، وهي جبر الضّرر. ولكن مَن هم أصحاب جبر الضّرر؟ هذه مسألة أخرى. فالبعض يعتبرون نفسهم من المؤلِّفين الذين يُستَغَلّون بغير وجه حقّ، وبالتالي يرون أنّه لا بدّ مِن أن يستفيدوا من جبر الضّرر، وآخرون يرون أنفسهم أيضا في هذه الخانة، ولكنّهم لا يستفيدون.
هذه المجموعات الآن قريبة من مركز القرار بالمكتب المغربيّ لحقوق المؤلّفين، وهي التي تستفيد، وتمادت إلى حدّ أنّ النّسخة الخاصّة التي تُدِرّ الملايين على المكتب المغربيّ لحقوق المؤلّفين، لارتباطها بالجمارك والاستيراد، أرادت أن تدخلها في إطار جبر الضّرر.
المحطّة الرقمية هي الوحيدة الكفيلة بأن تحقّق جميع ما نريد، بالاستماع إلى كلّ شيء…ووصلنا في بداية المحطّة الرقمية إلى اكتشاف بعض المستغِلّين للمتن الثقافي الموسيقي المغربي، فوجدنا أنّ شركة بعينها أُسِّسَت في الشمال المغربيّ من طرف شركات أجنبيّة لحقوق المؤلِّف، تبيع التراث الموسيقي المغربيّ، ومنه الأندلسيّ، والأمازيغيّ، والكلاسيكيّ، داخل مواقع التواصل الاجتماعي بأثمان زهيدة.
اكتشفنا هذه الشركة، المرتبطة بشركة فرنسيّة في الأصل، لكن لتبقى الشركة الفرنسية خارج جميع الطّعون، وتبقى داخل الإطار القانونيّ الذي يُشَغِّلُها، أنشأت بمعيّة آخرين شركة أخرى لجمع المصنّفات المغربيّة، والجزائرية لأكون منصفا، وقليلا من المصنفات المصرية والتونسية، وتبيعها بناء على أنّها تؤدّي حقوق المؤلّف؛ بينما لا تؤدّي حقوق المؤلّف لأي طرف، ولا تؤدي للمغاربة لوجودها في التراب المغربيّ، ولأخذها مصنّفات أشخاص مسجّلين في المكتب المغربيّ لحقوق المؤلّفين، ومصنّفات أشخاص غير المسجلين؛ لأنّ لهم حقوقا أيضا، فعندما يسجّلون في هيئة معيّنة يمكنهم المطالبة بحقوقهم القديمة، ويستردّوها.
هذه الشركة كانت تبيع دون ترخيص من المكتب، لأنّ كلّ من يريد أن يبيع حتى الموسيقى الأجنبيّة في المغرب، أو موسيقى المهرجانات، يجب أن يحصل على ترخيص من المكتب المغربي لحقوق المؤلّفين. فإعادة بثّ موسيقى مهرجان مثل “موازين” مؤدّى عنها، والتسجيل في مواقع إلكترونية، أو أقراص مدمجة، حتى ولو لم تبق الآن، الوحيد الذي يمكنه ترخيص هذه الأمور هو المكتب.
وفي ما يخص مسألة الدعم الاجتماعي لوزارة الثقافة الذي أسال المداد، كل من يريد الحصول على دعم معيّن يجب أن يؤدي بعض الدريهمات للمكتب المغربي لحقوق المؤلفين، وتعطاه شهادة للتّسجيل، وشهادة الإنتاج، وبها يكتمل ملفّه عند وزارة الثقافة، ليستطيع الحصول على دعمها. وانخراط المكتب في هذه المسألة يجب أن يخضع لمسألة معينة، فنعرف أنّ لوزارة الثقافة بطاقة الفنان، لكن ليس هناك شيء بالنسبة للمكتب المغربي.
جيوب المقاومة هذه ترفض أن يستصدر المكتب المغربيّ لحقوق المؤلِّفين بطاقة، رغم توفّره على الجهاز التقني الذي يطبع هذه البطاقات. وإلى حدود السنة التي كنتُ فيها مسؤولا كنّا لا نعطي بطاقات للفنّان، باعتبار أنّ الهيئات التي يجب أن تقرّر في هذا تمّت تصفيتها. ولا وجود لهيئات بالمكتب إلى اليوم، وهو ما كان يخدم تصوّرات معيّنة، مِن ضمنها من يستفيدون مِن ريع المكتب المغربيّ لحقوق المؤلِّفين.. وأنا أعرف ما أقول.
هل عاد المكتب المغربيّ لحقوق المؤلّفين، إذن، إلى الوراء؟.
نستطيع أن نقول إنّ المكتب المغربيّ لحقوق المؤلِّفين يوجد اليوم بين أيدي أشخاص نجدهم فيه منذ ثلاثين سنة. وأريد هنا أن أقدِّمَ لكَ بعض الشّروح، وأنا مسؤول عنها فقط. لمّا أتيتُ إلى المكتب وجدت أن نصف المكاتب الجهويّة، تقريبا، مستقلّة عن المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، ولن أذكر أسماء هنا، ولكن الكل يعرف هذا؛ فتمّ قانونا إعفاء شخص بجهة معينة، استبدّ بمكتبه، واستبدّ بتحصيلات منطقته، وأُعفي شخص آخر استبدّ بمنطقته، إلى درجة أنّه كان يرفض حضور الاجتماعات العامّة للمكتب، ليس فقط مع المدير العامّ، بل حتى مع الوزير، وكان لا يرى ضرورة في ذلك، ورغم لجوئه إلى القضاء، أنصف هذا الأخير المكتب.
بعض الموظّفين كانوا يشتغلون بصيغة الكرسيّ الذي يوضع عليه المعطف، وكانوا يتقاضون أجورا لا يشتغلون بموجبها؛ وبتنسيق بطبيعة الحال مع سلطة الوصاية، تمّ الاستغناء عن بعضهم، وأعادهم الوزير في ما بعد بتدخّل النقابات…
أيّ وزير هذا؟
الوزير محمد الأعرج.. كانت توضع ملفّات أمامه، وكان يقبلها بعد النظر فيها جيّدا، وكان يؤيّد قرار الطّرد.
كان هناك من المستخدمين في الدرجة العالية موظّفون أشباح، ومنهم مَن هو موجود في الإدارة الحالية. وفي المندوبيّات كان أشخاص ثبت ثبوتا تامّا عدم صلاحيّتهم نظرا لاستقالتهم بمناطقهم وجهاتهم، بوسائل نظر في بعضها القانون، وبعضها الآخر أحلناها على سلطة الوصاية، التي لَم تحِلها على القضاء؛ لأنّ الوزير هو المكلّف بتعيين المسؤولين الكبار داخل المكتب المغربيّ لحقوق المؤلِّفين. وهذا كان من الأمور التي فرضها الوزير خالد الناصري، وأكّدها الوزير مصطفى الخلفي في ما بعد، وبالتالي لا سلطة للمدير على هؤلاء.
ولكن، للمدير أن ينظر في التّسيير العاديّ للمندوبيّات الجهويّة. وأستطيع أن أجزم أنّ بعض هذه المندوبيّات قد عادت إلى حالتها القديمة، وبعضها الآخر عادت إلى ركودها القديم؛ لأنّ المديرية عادت إلى الأشخاص الذين لَم يكونوا يشتغلون حتى في القديم، ومنهم من كان مستخدما شبحا، دون أن نذكر الأسماء، ومِنهم من ارتقى بواسطة قرارات تعيين لا تمتّ في شكلها إلى قرارات التعيين الصحيحة بصلة؛ بل منهم من أقرّ لنفسه بقرار تعويض عن المسؤولية نُسِبَ إلى الوزير، وأعتقد أنّ الوزير بريء منه.. وللأسف أنّنا في عهد “الفوتوشوب” مازلنا نستعمل وسائل قديمة، في حين كان يمكنه حلّ هذه المعضلة… إضافة إلى الصيغ التعبيرية التي لا تمتّ إلى قرارات الوزراء بصلة.
ربما تستشفّ من كلامي بعض الاتهامات، لكن كل هذا قد أحيل على سلطات بعينها، من بينها سلطة رئاسة الحكومة.
ما يؤسف له أن السنوات الثلاث التي اشتغلنا فيها في المكتب المغربي لحقوق المؤلِّفين كانت كفيلة بأن نعرّف العالَم بالمكتب، فاستحققنا التشجيع من المنظمة العالمية للملكية الفكرية. ونتيجة لهذا التشجيع حقّقنا مكاسب من ضمنها رِبحنا ماستر متخصّصا في الملكية الفكرية، نظرا لجهل المغرب أو الكثير من المثقفين المغاربة، رغم وجود بعض المشتغلين في الوسط الجامعي الذين يعرفون المجال، في فاس ووجدة والدار البيضاء. وهذا الماستر لَم ير النّور، بعدما كان من المقرّر أن يستوطن جامعة محمد الخامس بكلية الحقوق في أكدال بالرباط.
لكن هذا التّغيير للأسف كان تغييرا لا يخدم المؤسسات الجامعية، نظرا لأنّ القيِّمين على المكتب المغربي لحقوق المؤلّفين في مستويات جامعية بسيطة جدا، لا تسمح لهم بتنسيق ماستر، أو التدريس فيه، فذهب هذا الماستر الذي كان سيكون مموَّلا كليا من طرف أكاديمية “ويبو”، المنظمة العالمية للملكيّة الفكريّة، التي تعاطفت معنا في هذا الإطار بشكل كبير، خصوصا مع الغياب الفادح للخبراء المغاربة في المنظمة العالمية الذين يمكن الاعتماد عليهم، رغم وجود دبلوماسيين.. فأردنا أن يكون بالمغرب خبراء.
كنا نريد أيضا مرافقة سياسة جلالة الملك في إفريقيا، فتواصلنا مع الإخوة الأفارقة، وأسّسنا في الرباط، تحت الرعاية الملكية السامية، المنظمة الإفريقية لإستراتيجات دراسة حقوق المؤلّف والملكيّة الفكرية في المغرب، وهو ما أعطانا زخما كبيرا في إفريقيا، فترأّس المغرب هذه المؤسّسة، وقرّر المؤتمِرون في نهاية المؤتمر بعد ثلاثة أيام أن تطلق هذه المنظّمة في إفريقيا كلِّها، وتأسّس مكتب مؤقّت لإجراء التشاور لتأسيس المنظّمة بشكلها الإفريقي كاملا، عوض أن تبقى في جانب إفريقيا الغربية.
للأسف الشديد أُلغِيَت هذه المجهودات كلُّها، ورفض الوزير رفع هذه الأعمال إلى الخارجيّة ليتمّ اعتمادُها رسميّا من طرف وزارة الخارجية والشؤون الإفريقية. هذه بعض الحيثيّات، وغيرها كثير بطبيعة الحال، التي تجاهلها للأسف المكتب المغربيّ أو نفاها.
ولأجيبك عن السؤال، لَم نعد فقط ثلاثين سنة إلى الوراء، بل عدنا إلى العدميّة، كما كنا من قبل. فإلغاء محطة الرقمنة، والمؤسسات التي كان يجب أن تكون، وتصفية اللجان الداخلية، والعبث بالقرارات التي وقّعها المكتب المغربيّ، بالإضافة إلى أنّ المكتب كان يمثّل اللجان الفرانكفونية داخل المنظّمة الإفريقية، وكان في اللجنة التنفيذية للكونفدرالية الدولية للمؤلفين والملحّنين، وكل هذه المواقع لَم يعد المغرب يستفيد منها، واستفادت منها تونس أو ليبيريا ودولة أخرى. وعاد المغرب إلى بداية المرحلة التي جثمت فيها الشركة الفرنسيّة على صدر المكتب المغربيّ لحقوق المؤلّفين، قبل إلغاء علاقة الوصاية الاستعمارية، فعدنا به إلى بداية هذه الفترة، التي وقّعت فيها اتفاقية إعطاء جميع الصلاحيات إلى الشركة الفرنسية.
عاد المكتب المغربيّ لحقوق المؤلّفين إلى الوراء بإلغاء جميع هذه الهياكل، التي أسّست في ظرف ثلاث سنوات، ولا يمكن إلا أن يؤسَف لها.. ولا يمكن إلا أن نقول إنّ أمام المكتب المغربيّ سنوات أخرى من تكريس الرّيع لفائدة أشخاص بعينهم، ولفائدة إدارة بعينها.
We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى