في زمن التقلبات والتغيرات الجوية، لم يكن في الحسبان أن يشهد الجنوب الشرقي المغربي نزول كميات كبيرة من الامطار وحمولة وديان كانت نائمة ،وطال سباتها حتى امتد البنيان لوسطها وحوافيها وامتلأت المجاري بالاتربة والحجارة والحصا وقطع بنو آدم اليأس بأن الأودية لن تستيقظ أبدا ،وقد كسر الزمان عنفوانها ،وأصبحت عاجزة عن الحركة، و أداء مهامها التي وجدت لها في الأصل بعد شيخوخة كبيرة وممتدة أقعدتها سنين طويلة.
جرى الماء في المسالك والشعاب ،ولم يعد الحديث عن ‘أمانْ نوقيدار فقط ‘ بل اصبح حديث كل بعيد وقريب عن فيضانات كبيرة لم تشهدها المنطقة خاصة مرزوكة منذ 2006 بعدما كان الحديث عن فقرالزاد والضخ في صنابير الماء، طيلة الصيف بل بدأ الحديث عن عرائض مدنية من أجل تقوية ماء الشبكة من أجل شربة ماء،والكثير من الوجوه أصابتها لعنة ‘ جورجيت ‘ ووجوههم كوجه فقراء ‘ ارض زيكولا ‘ ليغيثها الرحمان بأمطار رحمة الرحمان الذي لا يعرف العد والحساب مع بني البشر …ولمدة يومين استطاعت الوديان أن تكسر الضجيج و تفتح عقد الالسنة وامتلأت الضايات والحفر وحتى البالوعات امتلأت وعجزت عن استيعاب ما حدث ويحدث، في زمن شح فيه كل شيء ،ولا حديث الا عن المرض والحقد والجفاء وعلاقة القلوب بالغيث والجود.
ضاية السريج فكرتني بمقال كتبته في زمن كورونا بتاريخ اﻷحد 17 ماي 2020 لما اصبحت الجمال طليقة تبحث عن الكلأ بضاية السريج بعد شح المدخول السياحي واصبحت هذه الابل علة وعالة على مالكيها مما اضطرهم لتركها ترعى طليقة او نقلها لمكان اخر فيه بعض الكلأ، فأصبحت تشكل خطرا على منتوج الواحة الزهيد وقد تتحرك هذه الابل اعتمادا على حاسة شمها القوية بحثا عن الخضرة مما اضطرها للبحث عن الزاد ولو بوسط المياه بضاية السريج، تمد اعناقها الطويلة في البركة بحثا عن عشب غض وتحولت الى سفن مائية تقطف وتجتث بعض العشب الغائر هنا وهناك في الوحل بالضاية .
عادت الحياة لضاية السريج وبعودة الماء والعود احمد كما يقول الفقيه سيعود الطير المألوف وغير المألوف من المهاجرين والمهاجرات وسيحلو للقبرة بمعمر أن تبيض، وتنقر ما تشاء رغم أنها تدرك أنه لا بد يوما أَن تُصاد ،وسيعود عويل الذئاب يسمع من بعيد وتعود مخلوقات الصحراء لتتجدد بعد طول انتظار… السياح بدورهم سيجدون عرضا سياحيا يقوي سياحة الرمال ويحلو الحديث مع العشيقات والمعشوقات بكل اللغات فيتسلل للأذن من حين لآخركلام الهوى والعشق الدفين والنفس الطيبة ‘ ‘ أحببتك أكثر مما ينبغي ‘ و ‘ آيْ لوڤ يو’ وجوتيم ‘ كما يقول كبور في حديثه مع شعيبية .. وستتنوع المشاهد وتعود البسمة للساكنة .
السياح من داخل الوطن وخارجه والمغاربة والمتعاطفين مع الذين لحقتهم بعض الاضرار يتضرعون لله ويحمدونه على نعمه رغم هذه الاضرار لان اليبس مس كل مناحي الحياة ،ماتت البسمة وتحجر الدمع ويبست الواحة ،وماتت المنتوجات المجالية والمد الصحراري ازداد تطاولا ولا على لسان الناس غير اللهم اغثنلن اللهم اسق عبادك ،وبهيمتك واحي بلدك الميت والحمد لله على كل حال .
الجمال والطيور والزواحف خلف حجاب الحياة بالضاية تنتظر ولادة جديدة بعد غروب شمس أيام منعشة أتت لها بالغيث وكل أمانيها أن تتحول السكينة حركة لرسم أجمل وأروع اللوحات الممتعة والمؤنسة التي تتفرد بها مرزوكة عن غيرها من الأماكن في العالم ..
رغم أن الضاية الآن عرفت بعض ما عرفت والحمد لله غار الماء بالمكان وسيتم اصلاح الاعطاب ما دام النفع سائرا على الجميع.