منبر اليقين

مآلات الربيع العربي

كتيرة هي النقاشات والتحليلات المتنوعة، فمنها من قارب الوضع من وجهة نظر سياسية وآخر إجتماعية أو إقتصادية وهناك من إعتبرها مؤامرة غربية، حاولت أن تبني أنظمة جديدة في هرم السلطة العربية وفعلا هذا تحقق مع السعودية نموذجا، ومن هنا تبقى المؤامرة فكرة واردة بإمتياز. ومايتبث هذا : لماذا قامت الإنتفاضات والإحتجاجات في دول دون غيرها ؟ وإن إقتربت الحدود وتلاصقت المسافة الجغرافية وحتى الواقعية منها، فلا أحد يجادل في أن الوضع القائم في جل الدول العربية ماعدا دول الخليج متشابه ولا يختلف فكل هذه الدول تعاني نسب بطالة مرتفعة سواءا ضمن أوساط الشباب المؤهل والحامل لشهادة معينة وحتى الشباب الغير حاصل على شهادة، لسبب من الأسباب مما يؤدي (للحكرة) ناهيك عن الفوارق الطبقية وعدم تساوي الفرص وإحتكار الرأسمال ومستوى الدخل الفردي، هذا كله يمكننا إجماله فيما يسمى بالتفقير، بالإضافة إلى الطبقة الوسطى التي يمكنها أن تخلق التغيير وتعمل على التعبئة وتقليص الفوارق الإجتماعية، انهكوهم بالقروض وجعلوها سيجنة كل ماهو مادي وهوسي، من هنا يحق لنا إعادة طرح السؤال : ماهي أهم المكتسبات التي حققتها الإحتجاجات التي خرجت فيما يسمى بالربيع العربي ؟ فعلا أسقطت أنظمة حكمت بقبضة من حديد ونار، لكن يجب ألا يخفى علينا بأن هذه الأنظمة كانت ورائها أيادي غربية خفية باركت إنقلاباتها زمن الستينيات من القرن الماضي.

فكيف بها الآن أمام تزايد الصراع العالمي حول النفوذ والثروة وأبار النفط والغاز وأسواق بيع السلاح وإتبات موازن القوة وإعادة بناء خريطة جغرافية وسياسية وإقليمية للعالم العربي، ومايتبت هذا صفقة القرن وقضية صحراء سيناء في علاقتها بالفلسطينيين المهجريين قصرا.

وما يدل على المؤامرة كذلك أن الإحتجاجات العربية خلفت أنظمة أكتر بطشا وظلما والسيسي خير مثال الذي إنقلب على الشرعية أمام أنظار المصريين والعالم، من هنا يجب بأن نفهم بأن الإحتجاجات خرجت عفوية وغير مؤطرة ومتناقضة في أحايين كثيرة وما يؤكد هذا عدم آستمراريتها في النضال، فمن باب الصواب بأن نقر أن جل التوارات التي عرفها العالم كانت توارات مؤطرة وواقعية وواعية ولها سقف مطالب محدد وموحد هذا ماجعلها توارات ناجحة ومستمرة والتورة الفرنسية خير دليل، لكن هذه الأخيرة إستغرقت زمن الخمسة قرون من أجل التغيير.

وقد حدت هذا مع ماسمي بحركة 20فبراير بالمغرب التي خرجت بداية بسقف مطالب عال جدا كتغيير النظام ومبدأ فصل السلط والحرية الفردية وتحرير المعتقد الديني، غير أنها عرفت حركة مد وجزر في أوساطها فمنهم من آنسحب لدار المخزن وقبل بالمصلحة الشخصية ضاربا حلم شعب عرض الحائط ومنهم من أعتقل ومنهم من مات ومنهم من رجع إلى دياره خاوي الوفاض وظل يبكي عن الأطلال.

وللمرة الثانية يجب الإقرار بأن كل فعل إحتجاجي نضالي يجب أن يكون ذا رؤية ومؤطر وواع وواقعي،من هنا لاتعدو الحركات الإحتجاجية العربية تورة فهي مجرد نزوة عابرة تعبر عن رد فعل لاإرادي.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى