مجتمع

تقرير جديد يكشف تحولات عميقة في المجتمع المغربي: تراجع زواج القاصرات وارتفاع معدلات الطلاق واستقلالية النساء

كشفت المندوبية السامية للتخطيط، في تقريرها الجديد بعنوان “المرأة المغربية في أرقام”، عن ملامح تحول اجتماعي كبير يشهده المغرب خلال العقدين الأخيرين، شمل مجالات الزواج، الطلاق، وبنية الأسرة المغربية، في انعكاس مباشر للتغيرات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية المتسارعة التي تعرفها البلاد.

وأبرز التقرير أن زواج القاصرات سجل انخفاضاً مهماً، إذ تراجعت نسبة المتزوجات قبل سن 18 من 15.9% سنة 2004 إلى 8.4% سنة 2024، بينما هبط زواج من هن دون 15 سنة من 2.5% إلى 0.2% خلال الفترة ذاتها. ويرى التقرير أن هذا التراجع يعكس نجاح السياسات العمومية الهادفة لمحاربة الزواج المبكر وتعزيز تمدرس الفتيات، خصوصاً في الوسط القروي.

في المقابل، ارتفع معدل العزوبة عند سن الخمسين، خاصة في القرى، من 3.9% سنة 2004 إلى 11.1% سنة 2024، ما يعكس تحولاً في نظرة المجتمع لمؤسسة الزواج وتزايد الميل نحو الاستقلال الفردي.

أما الطلاق، فقد عرف بدوره ارتفاعاً واضحاً، منتقلاً من 44.408 حالة سنة 2014 إلى 67.556 حالة سنة 2023، قبل أن يستقر عند 65.475 حالة سنة 2024. وأصبح الطلاق الاتفاقي الشكل الأكثر انتشاراً، إذ قفزت نسبته من 63.1% إلى 89.3% خلال عشر سنوات، في مؤشر على رغبة الأزواج في إنهاء الخلافات بشكل ودي بعيداً عن النزاعات القضائية الطويلة.

كما أظهر التقرير تحولاً ديموغرافياً ملحوظاً في فئة المطلقين ما بين 45 و49 سنة، حيث ارتفعت نسبة الرجال المطلقين من 20.9% إلى 32%، مقابل تراجع نسبة النساء من 79.1% إلى 68%، ما يعكس تغيراً في أنماط العلاقات الأسرية لدى الجيل الجديد.

ومن بين أبرز المؤشرات، ارتفاع عدد الأسر التي تعيلها نساء إلى 19.2% سنة 2024 بعد أن كانت 16.2% سنة 2014، وهو ما يعادل تقريباً أسرة من كل خمس أسر مغربية. وتبدو الظاهرة أوضح في المدن (21.6%) مقارنة بالقرى (14.5%)، في دلالة على انتقال المرأة من دور المساندة إلى دور القيادة والإعالة.

كما ارتفعت نسبة النساء اللواتي يَعِشْن بمفردهن إلى 28.9% سنة 2024 بعد أن كانت 16.3% سنة 2004، في حين أصبحت النساء يمثلن 39.7% من أرباب الأسر أحادية الوالدين، مقابل 1.2% فقط للرجال، مما يؤكد تصاعد الأعباء الأسرية على عاتق النساء.

أما على مستوى الوضع العائلي، فقد بيّن التقرير أن الأرامل يشكلن أكثر من 54% من ربات الأسر، وهي نسبة شبه مستقرة، بينما بلغت نسبة المطلقات في المدن 15.1% مقابل 5.7% في القرى، وارتفعت نسبة العازبات ربات الأسر من 7% إلى 9.5% خلال عشر سنوات.

هذه الأرقام، وفق المندوبية، ترسم ملامح واقع اجتماعي جديد في المغرب، تُبرز فيه المرأة حضوراً أقوى واستقلالاً متزايداً، لكنها في الوقت ذاته تتحمل أعباءً أكبر داخل الأسرة والمجتمع.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى